والله -جل وعلا- أوجب التوبة على عباده، وحثهم عليها، وفرح بها والله -جل وعلا- أفرح بتوبة عبده من الذي فقد دابته وعليها طعامه وشرابه حتى إذا كاد أن يهلك وجدها، وأخطأ من شدة الفرح، فقال:((اللهم أنت عبدي وأنا ربك)) الله -جل وعلا- يفرح بتوبة التائب، فكيف يقال: أنه يفرح هذا الفرح ومع ذلك يصده عنها؟ يعني محال عقلاً وديناً أن يصد عن التوبة مثل هذا، وإذا قيل له: ما لك إلا العشرين الريال، قال: بلاش من التوبة، يعني من أغنى الناس إلى أفقر الناس، هذا ما يحتمله أحد.
والله -جل وعلا-: {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [(٢٨٦) سورة البقرة] فهذا المترجح عندي، قال بعضهم: أن مثل هذا القول يجعل الإنسان يستمر يرابي، ثم يتوب فيما بعد، لكن من يضمن له أن يوفق لتوبة نصوح مقبولة، من يضمن له؟ ولو قيل: بمثل هذا الكلام لسرى هذا على جميع الذنوب، قيل: الزاني يستمر يزني ثم يتوب، هذا مثله، والسارق يستمر في السرقة ثم يتوب هذا مثله، فهل مثل هذا يشجع على الاستمرار؟ لا، من يضمن له أن يتوب توبة نصوحاً، هذا لا يضمن له.
على كل حال إذا جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف، وعنده أموال ربوية مثل ما ذكر السائل لا يجوز له أن يصرفها في المصارف الطيبة، بل عليه أن يصرفها في المصارف الخبيثة، وجاء في كسب الحجام مع أن النبي -عليه الصلاة والسلام- احتجم وأعطى الحجام أجرته، ولو كان حراماً ما أعطاه أجرة، ومع ذلك قال:((كسب الحجام خبيث)) ثم قال: ((أطعمه ناضحك)) يعني أعطه الدواب، تأكله الدواب، مثل أموال الربا تصان بها، تبنى بها وينشأ بها دورات مياه مجاري صرف صحي لا بأس، مال خبيث يمر بالخبيث لا بأس، أعلاف دواب لا بأس، ((أطعمه ناضحك)) واحد لما سمع هذا الكلام يقول: المال الخبيث خليه مثل إطعام الناضح، للبنزين وغيار الزيت، مثل طعام الناضح، والله المستعان.