نقول: هذا الكلام باطل؛ لأننا إذا لم نثق بفهم الصحابة فبفهم من نثق؟ هذا الكلام باطل، ولا حظ له من النظر، إذا قال الصحابي: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قلنا: على العين والرأس، فهم الصحابي مقدم على فهم كل أحد، لكن يبقى أنه في مسألتنا "هكذا أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" نحن لا نشك في أن الأمر ملزم على كل حال، لكن هل كان عند ابن عباس أمر خاص في اختلاف المطالع أو أنه فهم من قوله:((صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)) أنه يقتضي تحديد المطالع؛ لأنه إذا رؤي الهلال في بلد يختلف مطلعه عن بلد آخر قلنا: في البلد الآخر يستحيل أن يرى الهلال، فكيف نصوم لرؤيته والرؤية مستحيلة؟
بينما الذي يقول: ما في فرق بين البلدان، يقول: هذا خطاب لعموم الأمة، ولا يلزم من كل فرد فرد أن يراه، إذا رآه من تقوم به الحجة لزم الأمة كلهم الصوم، ولا شك أن الاحتمال قوي جداً، وإن كانت الثقة في ابن عباس وفهم ابن عباس يعني مرجحة لقول من يقول باختلاف المطالع، لكن القول الثاني قوي، وله حظ من النظر، واستناده للحديث واضح، ومع ذلك لا يقال: إن من قال به خالف حديث ابن عباس، لا يقال: إنه خالف حديث ابن عباس في الأمر النبوي، إنما يقال: خالف فهم ابن عباس، لا يقال: خالف حديث ابن عباس، وإنما يقال: خالف فهم ابن عباس لهذا الحديث، نعم لو اتفق الصحابة على هذا الفهم ليس لنا كلام في هذا الموضوع، انتهى حسم الموضوع، إذا اتفق الصحابة على فهم معين، ليس لمن جاء بعدهم أن يبدي فهماً جديداً لنص من نصوص الكتاب والسنة.