للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأبو الهذيل العلاف شيخ المعتزلة وافقه على هذا الأصل يعني المآل واحد إلا أن العذاب ينقطع، وافقه على هذا الأصل لكن قال: إن هذا يقتضي فناء الحركات، فقال بفناء حركات الجنة والنار حتى يصيروا في سكون دائم، لا يقدر أحد منهم على حركة.

على كل حال الجنة والنار مستثناة معها الثمانية، هي ضمن الثمانية التي كتب لها البقاء

ثمانية حكم البقاء يعمها ... من الخلق والباقين في حيز العدم

هي العرش والكرسي نار وجنة ... وعجب وأرواح كذا اللوح والقلم

هذه لا تفنى كما جاءت بذلك الأدلة.

ابن القيم -رحمه الله- تعالى في نونيته وهو يتكلم عن جهم بن صفوان يقول:

وقضى بأن الله كان معطََّلاً، وقضى بأن الله كان معطلاً يعني في الماضي ما في حوادث، تسلسل الحوادث في الماضي، كما أنه طرد ذلك من امتناع تسلسل الحوادث في المستقبل.

قال:

وقضى بأن الله كان معطلاً ... والفعل ممتنع بلا إمكان

ثم استحال وصار مقدوراً ... له من غير أمر قام بالديان

بل حاله سبحانه في ذاته ... قبل الحدوث وبعده سيان

الفعل ممتنع، ثم استحال، وصار مقدوراً له،

وقضى بأن النار لم تخلق،

وقضى بأن النار لم تخلق ... ولا جنات عدن بل هما عدمان

فإذا هما خلقا ليوم معادنا ... فهما على الأوقات فانيتان

وتلطف العلاف من أتباعه ... فأتى بضُحكة جاهل مجان

من المجون.

قال الفناء يكون في الحركات ... لا في الذات واعجباً لذا الهذيان

أيصير أهل الخلد في جناتهم ... وجحيمهم كحجارة البنيان

ما حال من قد كان يغشى أهله، يعني تتعطل الحركات فجأة عنده، يعني مثل الذي يتكلم، مثل المكبر ثم يطفأ الكهرباء، ما حاله؟، أو يقرأ ثم يطفأ النور، ما حاله؟ يقول:

ما حال من قد كان يغشى أهله ... عند انقضاء تحرك الحيوان

وكذاك ما حال الذي رفعت يداه ... أكلة من صحفة وخوان

فتناهت الحركات قبل وصولها ... للفم عند تفتح الأسنان

أسنانه متفتحة باقية، ثم تعطلت الحركات، ماذا يكون وضعه؟ اليد مرفوعة، واللقمة في اليد، والأسنان مفتوحة.

وكذاك ما حال الذي امتدت يدٌ ... منه إلى قنو من القنوان

فتناهت الحركات قبل الأخذ هل ... يبقى كذلك سائر الأزمان؟

تباً لهاتيك العقول فإنها ... والله قد مسخت على الأبدان