يقول الإمام الحافظ ابن كثير في تفسيره في تفسير آية هود: يقول الله تعالى: {وأما الذين سعدوا} وهم أتباع الرسل، {ففي الجنة}، أي: فمأواهم الجنة، أتباع الرسل، يعني قبل نسخ شرائعهم، لا يأتي من يقول أنه يوجد من أتباع الرسل الآن، نقول: لا، الذي يزعم أنه يسعه الخروج عن شريعة محمد ولو كان تابعاً لنا، أو يزعم أنه تابع لنبي قبله، هذا نسأل الله العافية من النواقض، ولذا يحكم أهل العلم على أن اليهود والنصارى كفار بالإجماع، وإن كانوا يزعمون أنهم أتباع لموسى وعيسى، ولذا قال: وهم أتباع الرسل يعني في أوقاتهم، ووقت قيام شرائعهم، أما بعد بعثة النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((والذي نفسي بيده لا يسمع بي يهودي ولا نصراني، فلا يؤمن بي إلا دخل النار))، ولا يسع أحد الخروج عن شريعة محمد كائناً من كان، -عليه الصلاة والسلام-، يعني كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى، ففي الجنة أي فمأواهم الجنة، {خالدين فيها} أي ماكثين فيها أبداً {ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك} معنى الاستثناء ههنا أن دوامهم فيما هم فيه من النعيم ليس أمراً واجباً بذاته، بل هو موكول إلى مشيئة الله تعالى فله المنة عليهم دائماً ولهذا يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس.
وذكر القرطبي في تفسيره الأقوال في الاستثناء وأنها عشرة فيرجع إليه، فيرجع إليها من أراد التوسع في أراد في هذه المسألة.
في عقيدة الإمام الطحاوي: والجنة والنار مخلوقتان لا تفنيان ولا تبيدان.
يقول الشارح: قوله: لا تفنيان أبداً، ولا تبيدان، هو قول جمهور الأئمة من السلف والخلف، وقال ببقاء الجنة، وبفناء النار، جماعة منهم، والقولان مذكوران في كتب التفسير وغيرها.
وقال بفناء الجنة والنار، الجهم بن صفوان إمام المعطلة، وليس له سلف قط، لا من الصحابة، ولا من التابعين لهم بإحسان، ولا من أئمة المسلمين، ولا من أهل السنة، وأنكره عليهم عامة أهل السنة وكفروه به، وصاحوا به، وبأتباعه من أقطار الأرض، وهذا قاله تبعاً لأصله الذي اعتقده وهو امتناع وجود ما لا يتناهى من الحوادث، يعني تسلسل الحوادث في المستقبل، عندهم ممنوع، عند الجهمية.