هذه البرمجة التي يدعون أن من نتائجها المشي على النار، وقد يدعون الطيران في الهواء، وأكل المواد الصلبة، وحمل الأثقال التي لا تحملها الجمال ولا البغال، ويقولون: أن هذا ممكن بالتدريب والتمرين، وأن هذا مجرد خفة، أنا أقول: لا فرق بين هذا وبين السحر؛ لأن من السحر ما هو تمويه، ومنه ما له حقيقة، وقد يكون السحر لا يلزم أن يكون أن السحر في مبادئه شرك، ما يلزم، قد تعينه الشياطين من غير تقديم قرابين، في أول الأمر تعينيه هكذا ثم بعد ذلك إذا توسط في الطريق وتورط انسحبوا عنه، فلا يستطيع أن يرجع، سيسمونه الناس دجال، ولا يستطيع أن يتقدم حتى يقدم، ثم بعد ذلك يضطر أن يقدم، والشياطين لا شك أنها تستدرج.
وأقول: لو قدر أن هذا الكلام صحيح وليس فيه إعانة من الشياطين، وأنا لا أحيط به، لكن ليس في مقدور البشر أن يمشي على النار، اللهم إلا أحد اثنين، أما أن تخرق له السنة الإلهية إذا كان بمنزلة إبراهيم -عليه السلام-، أو يكون بمعونة شياطين، وإلا السنة الإلهية أن النار محرقة، فإما هذا وإما هذا، وعلى كل حال إذا التبس الحق بالباطل، لو قلنا: أن هذا على سبيل الافتراض حق، إذا التبس الحق بالباطل لا يجوز استعمال هذا الحق الذي يحصل فيه اللبس، كما يقرر أهل العلم في الكلام، الكلام إذا كان يحتمل وجهين منع، إذا كان يحتمل وجهين منع، وجه محرم ووجه مباح يمنع، وقل مثل ذلك وأكثر في الأفعال.
يقول: ما الفرق بين التشدد في الدين والتربية الذاتية مع ذكر الأمثلة على كل نوع، فقد أشكلت على كثير من التائبين الجدد؟
على كل حال التشدد في الدين أن يعمل بأكثر مما طلب منه شرعاً، أو يزيد على القدر المحدد شرعاً، يزيد على القدر المحدد شرعاً فيلتزم به ويلزم به غيره، يتشدد يتنطع في الأمور التي فيها فسحة، نعم، كون الإنسان يحزم نفسه ويرتكب العزائم، ويقلل من الرخص، ويترك كثير من المباحات خشية أن تجره إلى المكروهات والشبه ثم إلى المحرمات، هذا ورع وليس بتشدد، لكن لا يلزم به غيره، إنما يلزم الناس بما دل عليه الكتاب والسنة.