للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فالإنسان قد لا يتوسع في أمور الدنيا، من الناس من لا يركب السيارة، وموجود، لكن مع ذلك هل له أن يحرم على الناس ركوب السيارة؟ ليس له ذلك، من الناس من لا يستعمل الكهرباء، يجوز له أن يحرم على الناس استعمال ما أحل الله لهم؟ أبداً، لكن هل يلزم بأن يستعمل الكهرباء أو يركب السيارة، وهو يرى الإباحة ما يرى التحريم، ولكنه يقول: أنا لا أتوسع في هذه المباحات، وأحمل نفسي على العزيمة، وأربيها على هذا، لئلا تجرني إلى ما هو ... هذا لا يلام، إلا إذا حصل بسبب ذلك ترك واجب، يقول: أنا لا أركب السيارة، لكن مكة لا أستطيع أن أحج إلا بسيارة، لكن أنا لا أركب السيارة، نقول: يجب عليك أن تركب السيارة، لكن في أمورك العادية وحاجاتك التي تقضيها بدون سيارة ما نلزمك تركب سيارة، لكن لا تحرم على الناس ما أحل الله لهم؛ فكون الإنسان يحزم نفسه، ويعامل نفسه بالعزائم لا يلام، وقد كان جمع من السلف يتركون تسعة أعشار الحلال خشية أن يقعوا في الحرام، فكوني لا أتوسع في المباحات لا ألام، لكن كوني أحرم على الناس ما أحله الله، هذا محل اللوم، وهذا محل التشدد.

هذه أسئلة الإشكال فيها التشعب في العلوم والفنون، وكيفية دراسة ومدارسة العلوم مع وجود الأعمال الأخرى من دراسة أو عمل ومع وجود واجبات شرعية أخرى.

فهذا يقول: إن اهتممت بالحفظ مع استطعت أن أقرأ في الشروح والمطولات.

وهذا يقول: إن حفظت في أكثر من كتاب تشوشت.

وثالث يقول: إن قصرت نفسي على كتاب مللت.

ورابع يقول: إن تفرغت لطلب العلم فرطت في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.