إما أن يقول أنا تخرجت في كلية شرعية وأنا شيخ بالمرسوم الملكي أنه تخرج من كلية الشريعة، يطلق عليه اسم شيخ، فيقف عند هذا الحد، ويستحيي ويستكبر ويستنكف من أن يطلب العلم من أول الطريق، ثم ذلك يستمر في هذه المهامة، وهذه المفازة لا يدري أين يذهب يميناً وشمالاً.
وإذا سمع كلاماً جميلاً لأهل العلم قال: لا بد أن أقرأ هذا الكتاب، ثم يسمع كلاماً يترك هذا الكتاب ويرجع إلى الثاني، ثم يسمع كلاماً عن كتب ابن القيم فيرجع إليها، ثم يسمع ... وبهذا ينتهي عمره على لا شيء، العمر ينتهي على لا شيء ونجد كثير من طلاب العلم يتخبطون في قراءاتهم فلا ترتيب ولا تنظيم ولا اتباعاً للجادة المسلوكة عند أهل العلم.
فالعلم يحتاج إلى ترتيب يحتاج إلى جدولة، فهذا الشاب الذي قرب منه مفارقة عصر الشباب -بعد أن أمضى ستة عشر عاماً في الدراسة-، عنده بعض الخيوط التي يمكن أن يتشبث بها، وقد يشارك في بعض المسائل العلمية؛ لأنه درسها في الجامعة، مع أنه خفي عليه ما قبلها وما بعدها، فلا رابط بين العلم في صدره، مثل هذا يحتاج إلى أن يبدأ بطلب العلم من جديد، وليس بسر أن يقال: أن بعض الخريجين بالنسبة لبعض زملائهم ممن هم معهم على كراسي الدراسة أن بعضهم يصلح أن يكون شيخاً لبعض، لماذا؟
لأن هذا اهتم من أول الأمر ووجد من يوجهه في المرحلة المتوسطة في المعهد العلمي، في هذا المحضن الشرعي الذي نسأل الله -جل وعلا- له الاستمرار والقوة والمزيد من ترسيخ العلم والاهتمام بمتون العلم الأصلية، وهي موجودة -ولله الحمد- إلى الآن.