السبب في صلاحه كانت دعوته له مقبولة؛ لأن الوصل الذي علق عليه القبول والدعاء هو الصلاح فإذا لم يكن الأب سبباً في هذا الصلاح، فقبول الدعوة فيه ما فيه، والله - جل وعلا - يقول:{وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [(٢٤) سورة الإسراء] يعني هذه الدعوة في مقابل التربية هذه الدعوة (رب ارحمهما) في مقابل (كما ربياني صغيراً) فالذي يهمل أولاده ولا يربيهم يعني دخوله في مثل هذه النصوص، فضل الله واسع لا يحد، وقد يكون الولد مستجاب الدعوة، فيجاب إذا دعا لأحد من أولى ذلك والديه لكن على الإنسان أن يبذل السبب ليدخل في هذه النصوص، قد يقول قائل: هناك أناس بذلوا أسباب ما نجحوا وأناس أهملوا وانتفعوا بأولادهم ما شاء الله، وصاروا علماء أولادهم نعم نعرف من أنفسنا ومن غيرنا من بذل الجهد في تربية الأولاد وما طلعوا على ما يريد حرص على تحفيظهم القرآن ما أفلح، وأعرف شخصاً عنده ولدان يقول: والله ما علمت أنهما حفاظ من حفاظ القرآن حتى دعيت لحفل التكريم، يقول: والله ما علمت أنهما يحفظان القرآن حتى دعيت إلى حفل التكريم، ولا شك أن ما بذل له أجر، والله -جل وعلا- لا يضيع أجر من أحسن عملاً، وهذا أيضاً لن يحرم -إن شاء الله- دعوة صالحة من هذين الولدين، الذين نشئا على الصلاح والخير؛ لكن أجره ليس مثل أجر من اهتم بولده، وبذل الأسباب، إذا عرفنا أن بذل السبب في وقاية الولد من النار جاء الأمر به في الآية التي نحن بصدد الحديث عنها، فهل يدخل فيها من أهمل ولده ولو نشأ الولد صالحاً؟ يعني ما بذل ما أُمر به {قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [(٦) سورة التحريم] ما وقى أهله النار مفهوم الآية؛ لكن فضل الله واسع، لا يحجر فضل الله؛ لكن يبقى هذا فيمن أهمل، فكيف بمن يسر لولده أسباب الفساد؟ نسأل الله السلامة والعافية، ثم بعد ذلك عاش الولد طيلة حياة والده على هذا الفساد، فلما توفي والده نسأل الله السلامة والعافية تولى هذا الولد غيره، غير هذا الوالد، ثم أصلحه الله بسبب من دعاه إلى الخير، لا شك أن هذا غاش لرعيته، ومتوعد بحرمانه من الجنة، نسأل الله السلامة والعافية.