للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العلم لا يحمله إلا العدول الثقات، ومن أعظم ما يستدل على فضله وشرفه، الآية التي سقناها آية آل عمران، ومن ذلكم قول الله -جل وعلا-: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [(١١) سورة المجادلة] درجات، وهل نتصور أن الدرجات مثل درجاتنا في الدنيا التي يتخطاها الإنسان بسهولة؟ يعني عشرين سانتي الدرجة ثلاثين سانتي، لا، درجات، بين كل درجة والأخرى مثل ما بين السماء والأرض، الأمر ليس بالسهل وليس بالهين، يقول: هذا سهل درجتين ثلاث نفرط بها، لكن أين الدرجة الأولى من الثانية من الثالثة إلى مائة درجة؟ هذا شيء عظيم من تأمله بعين البصيرة أفنى عمره في تحصيل العلم، وليس بكثير أن يفني عمره بتحصيل العلم.

يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) يفقهه في الدين، أولاً إذا عرفنا الدين عرفنا المراد بالفقه، الدين بجميع أبوابه مما يدخل في مسمى الإسلام من الأحكام العملية والعقائد الداخلة في مسمى الإيمان، وما فوق ذلك من الصفات التي يمنحها الله -جل وعلا- لبعض عباده من مراقبته والتعبد على جهة الإحسان الذي لا يحصل لكل أحد، هذا هو الدين، ولذا لما سأل جبريل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الإسلام والإيمان والإحسان، قال -عليه الصلاة والسلام- في نهاية الحديث: ((هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم)) فدل على أن الدين يشمل الثلاثة، الإسلام والإيمان والإحسان، فمن يتفقه في هذه الثلاثة التي تشمل جميع أبواب الدين، هو الذي أراد الله به خيراً، لأن بعض الناس يعنى بالفقه العملي من الأحكام والحلال في الأبواب الأربعة المعروفة عند أهل العلم الأرباع الأربعة العبادات والمعاملات والمناكحات والأحوال الشخصية والجنايات والحدود، يخصون الفقه بهذا، هذا اصطلاح عرفي خاص، لكن لا يعني أن المراد بالحديث هو هذا.