القرآن إلى هذا الحد لكان تأثر النبي -عليه الصلاة والسلام- به أعظم من غيره، وكذلك ما عرف عن الصحابة أنه وصل بهم الأمر إلى هذا الحد، أنهم يصيبهم الغشي، يصيبهم الصعق يموتون، هذا وجد في عصر التابعين، وجد في عصر التابعين، وشيخ الإسلام -رحمه الله- لا يرى مانع من وقوع مثل هذه الأمور، وأن الإنسان قد يصل به إلى استشعار عظمة الله وعظمة كلامه إلى هذا الحد، ويقول: إن قلب النبي -عليه الصلاة والسلام- من القوة بحيث يحتمل الكلام الثقيل الذي ألقي إليه، فلا يحصل له اختلال، مع أنه -عليه الصلاة والسلام- حال التنزيل إذا أوحي إليه يحصل له شيء من ذلك، يحصل له شيء من ذلك، لكن إذا قرأه أو قرئ عليه يتأثر ويبكي كما في حديث ابن مسعود لما قرأ على النبي -عليه الصلاة والسلام- والتفت فإذا عيناه تذرفان، يبكي، وإذا قرأ صار لصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء، لكن ما يصل إلى حد الغشي أو حد الصعق والموت، ولا وجد في عصر الصحابة -رضوان الله عليهم- لأن قلوبهم تتحمل مثل هذا، فيها قوة، ثم بعد ذلك جاء من بعدهم واستشعروا عظمة النازل، وأنه كلام الله، لكن القلوب ضعفت عن التحمل، ليست بالقوة بمثابة قوة قلب النبي -عليه الصلاة والسلام- وصحابته الكرام، فما حصل التوازن، ضعفت القلوب مع استشعار قوة النازل فحصل، ثم خلف خلوف لا يستشعرون قوة ولا يستشعرون عظمة، والقرآن يقرأ عليهم كأنما يقرأ عليهم كلام البشر، يعني لا فرق بين أن يقرأ الإنسان في جريدة أو في المصحف، يعني وصل بنا الحد إلى هذا، وزرارة بن أوفى لما قرئ عليه القرآن {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} [(٨) سورة المدثر] الآية لا شك أنها عظيمة.