في اللقاء السابق ذكرنا بعض المعالم والمنارات التي قد يستضيء بها طالب العلم، وفي مناسبات كثيرة ذكرنا بعض العوائق التي تعوق عن التحصيل، ذكرنا أيضاً مفاتيح تفتح الآفاق أمام طالب العلم، وفي نقل عن سفيان بن عيينة بمناسبة المفاتيح وقفت عليه بالأمس، يقول سفيان:"أول العلم الاستماع، ثم الفهم، ثم الحفظ، ثم العمل، ثم النشر".
أول العلم الاستماع: لا بد أن يصغي طالب العلم إلى شيخه، مع الأسف يوجد من طلاب العلم وهذا يظهر جلياً في التعليم النظامي، تجد طالب حاضر عندك وأنت تشرح في كلام الله وكلام رسوله -عليه الصلاة والسلام- وهو ينظر في كتاب آخر، طيب مالك يا فلان منصرف؟ والله عندنا امتحان في المحاضرة التي تلي هذه، هل هذا عذر؟ بأن ينصرف طالب العلم عن العلم الشرعي، هذا ليس بمبرر، وقد تجد أسوأ من ذلك بعض الطلاب يحضر كتب لا علاقة لها بالعلم، وأحياناً تجد وإن كان على ندرة وقلة في الكليات الشرعية تجد جرائد، هذا لا شك أنه يبعث على الأسى في صفوف المتعلمين؛ لكن لا نجد مثل هذا في دروس المساجد وفي حلق العلم الذين جاءوا برغبة خالصة للتحصيل، قد يوجد من ينشغل بجوال مثلاً، وهذا ليس من الأدب في حلق التعليم، ينشغل بجوال، كل شوي النغمات، والرنات، هذا أيضاً ينبغي أن يجتنبه طالب العلم، عليه أن يستمع لشيخه، ويهتم بما هو بصدده من تحصيل هذا العلم الذي جاء من أجله، وتفرغ وتكلف العناء من أجله، يستمع، فأول العلم الاستماع، وفرق بين الاستماع والسماع، الاستماع مع قصد، الاستماع والفهم لما يلقى من أجل أن يثبت في الذهن ويرسخ، وأما مجرد مرور الكلام على السمع من غير قصد للاستماع هذا لا يجدي شيئاً، ولذا يقول أهل العلم في سجدة التلاوة: يسجد المستمع دون السامع" ولذا لو مررت وأنت في طريقك، ومر بجوارك سيارة ثانية، وصاحب السيارة شغل الأغاني ورفع عليها، فسمعت هذه الأغاني، أنت لا تلام، تلام إذا استمعت، أما إذا مجرد السماع مروره على أذنك من غير رضاً به، لا تلام على ذلك، إنما عليك أن تنكر؛ لكن كونك تؤاخذ بأنك سمعت الغناء فلا تؤاخذ، فأول العلم الاستماع.