وقد اجتمعت الثلاثة في قوله تعالى:{رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا}{رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} هذا توحدي الربوبية {فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ} هذا توحيد الإلوهية {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [(٦٥) سورة مريم] هذا توحيد الأسماء والصفات، إشارة بهذه الآية إلى أنواع التوحيد الثلاثة التي حصر أهل العلم التوحيد فيها بطريق الاستقراء؛ لأن ممن يشوش الآن ويقول: ما الدليل على هذا الحصر؟ ويضيف بعضهم توحيد المتابعة، لا بد أن تكون متابعته لواحد، لكن هل هذا مما يتعلق بالله -جل وعلا-؟ نعم نحن نوحد متابعتنا للنبي -عليه الصلاة والسلام-، فلا قدوة لنا ولا أسوة غيره، لكن توحيده وطاعته تابعة لتوحيد الله -جل وعلا- وطاعته، التوحيد هو الغاية من خلق الجن والإنس، كما قال -جل وعلا-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [(٥٦) سورة الذاريات] فالجن والإنس خلقوا لغاية، خلقوا لهدف، لا بد من تحقيق هذا الهدف، وهو تحقيق العبودية لله -جل وعلا-، فينبغي أن يكون هذا الهدف هو الهاجس، هو نصب عيني المسلم، وأنه خلق من أجل هذا، وأن ما يسعى وراءه غير تحقيق هذا الهدف أو ما يعين على تحقيق هذا الهدف هذا كله هباء، ولذلك عرف سلف هذه الأمة هذه الغاية وعملوا من أجلها، ولم يلتفوا إلى غيرها إلا بقدر ما يتحقق به هذا الهدف، ولذا يقول الله -جل وعلا- {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [(٧٧) سورة القصص] {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} من أجل أن تعيش لتحقق هذا الهدف، وإلا فالدنيا ليست غاية وليست بمقر، وإنما هي ممر ومزرعة للدار الآخرة، ومع الأسف إذا نظرنا إلى حال المسلمين اليوم في كثير من الأقطار وجدنا العكس، يعني سواءً قال ذلك بلسان المقال أو بلسان الحال، تجد حال كثير من الناس هدفه وغايته الدنيا، ثم بعد ذلك إن بقي شيء من وقته التفت إلى عبادات ألفها ويأتي بها على وجه الله أعلم به، ولا أدل على ذلك من حال المسلمين بعد أن فتح لهم من أنواع التجارة التي لا تكلفهم شيء، وانصرف إليها جل الناس من صغير وكبير، من رجال ونساء، من غني حتى الفقراء دخلوا فيها، اللي هي تجارة