في تفسير القرطبي: قال ابن عباس ومجاهد وقتادة: خاف أن يرثوا ماله، خاف أن يرثوا ماله، وأن ترثه الكلالة، فأشفق أن يرثه غير الولد، وقالت طائفة: إنما كانت مواليه مهملين للدين فخاف بموته أن يضيع الدين، فطلب ولياً يقوم بالدين بعده حكى هذا القول الزجاج، وعليه فلم يسأل زكريا من يرث ماله؛ لأن الأنبياء لا يورثون، وهذا هو الصحيح من القولين كما يقول القرطبي في تأويل الآية، وأنه -عليه الصلاة والسلام- أراد وراثة العلم والنبوة، أراد وراثة العلم والنبوة لا وراثة المال لما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال:((إنا معشر الأنبياء لا نورث، ما تركنا صدقة)) وفي كتاب أبي داود: ((أن العلماء ورثة الأنبياء، وأن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً ورثوا العلم)).
يقول: وهذا الحديث يدخل في التفسير المسند لقوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} [(١٦) سورة النمل]، وعبارة عن قول زكريا:{فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا* يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} [(٥ - ٦) سورة مريم] وتخصيص للعموم في ذلك، وأن سليمان لم يرث من داود مالاً خلفه داود بعده، وإنما ورث منه الحكمة والعلم، ولذلك ورث يحيى من آل يعقوب هكذا قال أهل العلم بتأويل القرآن ما عدا الروافض، ما عدا الروافض؛ لأن الروافض طالبوا أبا بكر وطالبوا عمر ومازالوا يطالبون بالإرث النبوي من فدك وغيرها، وأن ما تركه النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو لورثته .. ، ما ترك من مال فهو صدقة.
قال: وروي عن الحسن أنه قال: يرثني مالاً، ويرث من آل يعقوب النبوة والحكمة، قال القرطبي: وكل قول يخالف قول النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو مدفوع مهجور، قاله أبو عمر، يعني ابن عبد البر.
يقول الإمام المحقق شمس الدين ابن القيم -رحمه الله تعالى- في كتاب (مفتاح دار السعادة): قول زكريا -عليه الصلاة والسلام-: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا* يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} [(٥ - ٦) سورة مريم].