للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم بعد الكرماني يقرأ في شرح النووي على مسلم، وهو أيضاً من المشهيات، وفيه ما في شرح الكرماني، وإن كان الكرماني قد يذكر في ترجمة راوي ويطيل فيها بخلاف غيره من الشروح، يذكر في ترجمة هذا الراوي أطرف ما ذكر في ترجمته، وما يستغرب من ترجمة هذا الراوي، سواء كانت في علمه، في عبادته في زهده، في أخباره العجيبة التي ذكرت عنه، فالكرماني، والنووي لاشك أنهما ييسران القراءة على طالب العلم.

بعد ذلك إذا قرأ في هذين الكتابين لا مانع أن يقرأ في فتح الباري، ويجد النفس قد انفتحت لقراءته، وفتح الباري إذا خصص له وقت يحتاج إلى سنتين بالطريقة السابقة بالأقلام، ويش المانع أن تفهم البخاري ويرسخ في ذهنك صحيح البخاري بمعانيه ولا يشكل عليك شيء بسنتين؟ يعني متكاثر على البخاري سنتين؛ لأن بعض الطلاب يستعجل الفائدة، ثم بعد ذلك تنبيه أريد أن أنبه له الإخوة: أنه لا بد أن يكون شيء على حساب شيء، فإذا استرسل الإنسان وراء الشروح التي تحتاج إلى مدد متطاولة لا شك أنها سوف تكون على حساب المتون، وقد يغفل الطالب إذا بدأ بالشروح على هذه الطريقة عن أهم المهمات: عن القرآن، مراجعة القرآن، وتلاوة القرآن.

فنقول: لا بد أن يقتطع للقرآن جزء يفرضه من وقته من سنام وقته لا من فضوله، جالس في انتظار، ولا عند إشارة ولا في مستوصف، ولا شيء يفتح المصحف، لا، إنما يفرض للقرآن إن استطاع أن يقوم قبل صلاة الفجر ويقرأ حزبه من القرآن هذا أفضل -بلا شك-، وأحضر لقلبه، إن كان لا يستطيع فبعد صلاة الفجر إلى انتشار الشمس ينتهي من حزبه؛ لأنه في خضم هذا الكم الهائل من المقروءات وما يخطط له طالب العلم من الإطلاع عليه قد يغفل عن القرآن، نعم الأوقات المفضولة: أوقات الاستجمام لا مانع أن يقرأ طالب العلم في كتاب تاريخ -مثلاً- للاستجمام وللاعتبار؛ لأن كتب التواريخ فيها العبرة، وكذلك ينظر في كتب الأدب فيها متعة، وقد يحتاج إليها طالب العلم، ومرَّ بنا في علوم القرآن، وعلوم السنة ما كان مفتاحه في كتب الأدب، ولو أن الوقت يستوعب لذكرت أمثلة.