للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فليكن من يتصدى للفتوى على حذر شديد؛ لأن ألزم ما على الإنسان خلاص نفسه، يسعى الإنسان جاهداً على خلاصه قبل أن يسعى إلى خلاص غيره، أنت مسئول أمام الله -جل وعلا-، لن تترك بعد هذه، هي مدونة عليك في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، أنت الآن أحسنت على هذا على حد زعمك، وخففت عليه الحكم لكن أنت وين جوابك؟ يعني هل عند شخص من الأشخاص أغلى من نفسه؟ هل يمكن أن يؤثر على نفسه أحد ويتحمل؟ يقول: نتحمل، نفتيه بأنه لا يجب عليه هذا، أو لا شيء عليه ونتحمل، يمكن أن يقول هذا عاقل؟ لماذا طلب العلم؟ لماذا تعلم؟ لماذا أفتى؟ مو من أجل أن يرجو ثواب الله -جل وعلا-، فكيف يرتكب ما يوجب عقابه؟ فليكن السعي إلى خلاص النفس قبل السعي إلى خلاص الغير، نعم الإحسان إلى الآخرين مطلوب، أيضاً مع وجود من يتسرع في الفتوى، ويعرض نفسه لها، بل يطلب أن يساهم في هذا الباب، ويكثر من هذا ولا يتورع.

يوجد أيضاً في المقابل طرف آخر، أهل وأكفاء ومع ذلك يتهربون بحجة أن السلف يتدافعون الفتوى، لكن إذا تعينت الفتوى على شخص لا يجوز له بحال أن يعتذر عنها ((من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار)) فالمسألة تحتاج إلى توازن وإلى اعتدال، فمن كان أهلاً لذلك لا يتأخر، والناس بحاجة ماسة، ومن جعل نفسه للناس يعرف مقدار هذه الحاجة، الناس يتصلون في الهاتف إلى قبيل الفجر يبحثون عن من يفتيهم، ويقسم بعضهم أنه منذ شهر يبحث عن من يفتيه ولا يجد، لماذا يفعل هذا؟ لأنه يعرف هؤلاء الذين يعرضون أنفسهم وهم موجودون في كل وقت وعلى كل حال، يريد أهل تحري، فمثل هذا من له؟ لا بد من البذل، من الأكفاء لا بد من البذل، وطالب العلم عليه أن يسعى لتكميل نفسه؛ ليقوم بحاجة الناس، الحاجة ماسة، والبيان أمر لا بد منه، ولا يقوم أمر الدين ولا الدنيا إلا بالعلم، ولذا جاءت النصوص الصريحة الصحيحة القطعية بأن العلم من أفضل الأعمال، وهو في حق بعض الناس يكون أفضل الأعمال، وقد يتعين على بعض الناس، فإذا تعين على الشخص وتخلى عنه فهو آثم.