للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إذا قرنا هذا وعرفنا أن القول على الله بلا علم كذب، {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ}، إيش معنى كذب؟ كذب يعني أنه غير مطابق لما عند الله -جل وعلا- من حكم، وغير مبني على وسائل شرعية يستنتج منها الحكم، وهذا حال الجاهل الذي يفتي بغير علم، الذي أخبر عنه النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه يضل ويضل، هذا كافر، فإذا قرنا هذه الآية بقوله -جل وعلا- في سورة الزمر: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ} [سورة الزمر: ٦٠]، هذه مثل هذه الآيات ترتعد منها الفرائص، ما دام كذب، يعني المقدمة ما دام القول على الله بلا علم كذب، والفتوى بلا علم كذب على الله، وافتراء، والذي يكذب على الله يأتي يوم القيامة مسود الوجه، نسأل الله السلامة والعافية، {أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ} [سورة الزمر: ٦٠]، ما الذي يمنعه من قول لا أدري، هذا الجاهل إذا سئل وافترى على الله الكذب وقال: حلال أو حرام، مع مخالفة الحكم الصحيح مثل هذا ما الذي يمنعه من قول: لا أدري؟ لا شك أنه الكبر نسأل الله العافية.

وفي سنن أبي داود من حديث مسلم بن يسار قال: سمعت أبا هريرة يقول: "من قال علي ما لم أقل، فليتبوأ بيتاً في جهنم، ومن أفتى بغير علم كان إثمه على، أو من أُفتي بغير علم كان إثمه على من أفتاه، ومن أشار على أخيه بأمر يعلم الرشد في غيره فقد خانه".

يقول ابن القيم -رحمه الله- تعالى: "وكل خطر على المفتي فهو على القاضي، وكل خطر على المفتي فهو على القاضي، وعليه من زيادة الخطر ما يختص به، ولكن خطره أعظم من جهة، يعني خطر المفتي أعظم من جهة، وخطر القاضي أعظم من جهة".