للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يقول بعض الحكماء: "من العلم ألا تتكلم فيما لا تعلم، بكلام من يعلم، فحسبك خجلاً من نفسك وعقلك أن تنطق بما لا تفهم، وإذا لم يكن إلى الإحاطة بالعلم من سبيل، فلا عار أن تجهل بعضه، فلا عار أن تجهل بعضه، وإذا لم يكن في جهل بعضه عار فلا تستحيي أن تقول: لا أعلم، فيما لا تعلم".

يعني والملاحظ على مر العصور من صدر الأمة إلى يومنا هذا أن الذي يقول: لا أعلم، ويكثر منها هم أهل العلم على الحقيقة، هم الأئمة هم الراسخون في العلم، والذي لا يقول لا أعلم، ولا تكثر على لسانه، تجدهم هؤلاء الصغار المبتدئون، على حد زعمهم أن هذا الكبير انتهى من بناء الشخصية، وأذعن الناس واعترفوا به، عالم ولو قال: لا أعلم، لكن هذا الصغير الذي ما استتمت شخصيته، إذا قال لا أعلم، فهو يظن هذا عيب عليه، ولا شك أن هذا من جهله المركب، قال ابن أبي ليلى: "أدركت مائة وعشرين صحابياً، وكانت المسألة تعرض على أحدهم فيردها إلى الآخر حتى ترجع إلى الأول، حتى ترجع إلى الأول".

يقول الغزالي: "فانظر كيف انعكس الحال فصار المرهوب منه مطلوباً، والمطلوب مرهوباً، المطلوب لا أدري، مرهوب، يخشاه الإنسان، والمرهوب وهو الجرأة على الفتوى من غير أهلها هو المطلوب، وتجد في مجالس الكبار يحضر طلاب علم، يحضر طلاب علم في مجالس كبار أئمة فإذا سئل هذا الكبير بادر الصغير بالجواب، ألا يوجد مثل هذا؟! يوجد وبكثرة، أما في قاعات الدراسة ومسابقات الأساتذة حدث ولا حرج، لكن أيضاً في مجالس الأئمة في مجالس العلماء الذي يستحي الإنسان من تحديد النظر في وجوههم، فضلاً عن مسابقتهم، والتقدم بين أيديهم بكلام قد لا يكون صواباً.

يقول ابن القيم -رحمه الله- تعالى: "وكان السلف من الصحابة والتابعين يكرهون التسرع في الفتوى، ويود كل واحد منهم أن يكفيه إياها غيره، كان السلف من الصحابة والتابعين يكرهون التسرع في الفتوى، ويود كل واحد منهم أن يكفيه إياها غيره، فإذا رأى أنها قد تعينت عليه، ما في غيره، بذل اجتهاده في معرفة حكمها من الكتاب والسنة، أو قول الخلفاء الراشدين ثم أفتى".