للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقابل الطرف الأول، الطرف الأول اقتصروا على الحفظ، وما أتعبوا أنفسهم بالاستنباط إما تورعاً على حد زعم بعضهم أو عجزاً ما كل إنسان يستطيع أن يستنبط، من يليهم هؤلاء حفظ الله بهم الدين، فحفظوا المتون، هل يقال في مثل أحمد أنه لجأ إلى الاستنباط لعجزه عن الحفظ؟ يحفظ سبعمائة ألف حديث؛ لأنه يأتي في الطبقة الثالثة وهم أهل الرأي الذين أعيتهم النصوص، وأعجزتهم أن يحفظوها، هؤلاء اعتمدوا على الاستنباط، وأوغلوا فيه، اعتمدوا على الاستنباط، لماذا؟ لأن ما عندهم شيء يمشيهم قدام الناس، فأعملوا الفكر فيما بلغهم من نصوص، وصار جل علمهم مبني على الرأي، فهؤلاء في طرف والقسم الأول في طرف.

الطرف الأوسط الذين هم أهل الفقه والاستنباط المبني على الأثر، لا مجرد الرأي، هم العلماء وهم الفقهاء، وهم سادة الأمة، فينبغي لطالب العلم أن يتشبه بالطبقة الثانية، يعنى بحفظ الآثار ويعنى بالاستنباط منها، وبأسلوب آخر على طريقة أهل العلم يعنى بالرواية والدراية، لماذا؟ لأن عنايته بالرواية والرواية عليها المعول في العلم الشرعي المورث للخشية، فلا فقه دون نص، لا فقه بدون نص، والنص بدون تفقه واستنباط وتنزيل على الوقائع وإفادة منه نعم التفقه هي الغاية القصوى، استنباط الأحكام من النصوص هو الغاية القصوى، لكن لا يكون حامل آثار فقط، وإن كان فيه خير كثير، ولا يكون صاحب رأي ونظر واستنباط دون أن يعتمد على آثار وأخبار ونصوص؛ لأن مثل هذا ليس بفقيه، بل وليس بعالم؛ لأن الذي لا يعرف الحق بدليله ليس من أهل العلم، وهذا شأن كثير من المقلدين، فعلى طالب العلم أن يحرص على حفظ النصوص وعلى الاستنباط من هذه النصوص، والإفادة من هذه النصوص، وتنزيل هذه النصوص على الوقائع.