مع هذه النصوص المحكمة في المنع والإلزام نجد في عصرنا من يجرؤ على الفتوى وهو ليس من أهل العلم أصلاً، فضلاً عن طالب غير متأهل لا سيما مع تيسر وصول أقوالهم إلى الناس بواسطة الوسائل المتعددة، مما سبب اضطراب في الفتوى، وضياع للمستفتين، وضياع للمستفتين، والمسئولية في مثل هذا تقع على أولياء الأمور، من العلماء والقادة، أن يوضع لهذا الاضطراب، وهذا اللعب، والتلاعب على الحد؛ لأن الناس اضطربوا، ونسبوا هذا الاضطراب إلى الدين، كم سمعنا على ألسنة العامة أن الدين تغير!، كنا نرى الناس يصلون كذا، وظهرت أقوال، كنا نراهم يفعلون كذا وظهر غير ما كنا نعلم، فنسبوا هذا الاضطراب إلى الدين والدين منه بريء، نعم أهل العلم بينهم خلاف، والخلاف موجود من عصر الصحابة لكن في مثل هذه الظروف التي ظهرت فيها هذه الأقوال، لا بد أن يطلع العامة على الأسباب الحقيقية للاختلاف، وأن يعرى أمثال هؤلاء الأدعياء الذين يضللون الناس وأن تبين حقائقهم، مما سبب اضطراب في الفتوى وتبلبلاً عند الناس وتشتت لعدم تمييزهم بين العالم وغيره، فكثيراً ممن يتصدى لذلك قد يكون ممن وهب بلاغة وفصاحة يؤثر بها على الناس، وقد جاء في الحديث كما تقدم:((إن من البيان لسحراً)).
صاحب ذلك إحجام من كثير من طلاب العلم المتأهلين احتجاجاً بما جاء من نصوص المنع والوعيد، وتأسياً بسلف هذه الأمة في تدافع الفتيا وتدارئها مما فسح المجال لأدعياء العلم أن يتصدروا في القنوات والوسائل والمجالس ولا شك أن الحاجة قائمة، وقد أمر الله جل علا بسؤال أهل العلم، بسؤال أهل العلم قال -جل وعلا-: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}[سورة الأنبياء: ٧]، فالعامي ومن في حكمه ممن ليست لديه أهلية النظر فرضه تقليد أهل العلم، وسؤالهم بنص القرآن، فإذا أحجم الكفؤ مع اضطرار العامة إلى من يفتيهم اضطروا إلى سؤال من ليسو من أهل العلم فضلوا وأضلوا، نسأل الله السلامة والعافية.
والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
إن أجبنا على جميع هذه الأسئلة نقضنا الكلام النظري الذي قلنا.