للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: من الشروط: الإسلام، والتكليف الشامل للبلوغ، والعقل، والحرية، والاستطاعة، المستطيع يلزمه الحج يجب عليه الحج وغير المستطيع لا يجب عليه، لقول الله -جل وعلا-: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [(٩٧) سورة آل عمران] وجاء تفسير الاستطاعة بالزاد والراحلة، الحديث جاء من طرق، وكلها لا تسلم من مقال، واستطاعة كل شخص بحسبه، يعني لا تلزم الراحلة لكل شخص، المكي مثلاً الذي يستطيع أن ينتقل بين المشاعر من غير مشقة، لا تلزمه الراحلة لتكون شرطاً على قدرته على الحج، بل عليه أن يحج، ولذا قالوا: القدرة بالمال والبدن، والمال من أجل النفقة، لا بد منه، ولا يحج مثل الذين يدعون التوكل، يتوكلون على الله ولا يتزودون، ثم بعد ذلك يعيشون عالة على الناس، وسئل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن بر الحج؟ فقال: ((إطعام الطعام)) ما قال: التسول، وبعض الناس تجد عنده ما يغنيه عن الناس، ثم ينزل ضيفاً على فلان أو على فلان، أو على جهة حكومية، ويزاحم المستحقين، وقد أغناه الله -جل وعلا- عن هذا وهذا، خلاف ما يتطلبه الحج من الإنفاق، إطعام الطعام، وإفشاء السلام.

وعلى الإنسان أن يحج من ماله الحلال، فإذا لم يكن مستطيعاً ببدنه إن استطاع بماله وجب عليه أن ينيب، "إن فريضة الله بالحج أدركت أبي شيخاً كبيراً، لا يثبت على الراحلة" يعني لا يستطيع ببدنه، أفأحج عنه؟ قال: ((نعم)) وفي حديث أبي رزين قال: ((حج عن أبيك واعتمر)) فالذي لا يستطيع بنفسه يستطيع بولده، أو بماله يلزمه أن ينيب، لكن إن عوفي بعد النيابة، أناب من يحج عنه، ثم عوفي بعد ذلك، صار يستطيع أن يحج بنفسه، هل يلزمه أن يحج أو تكفي هذه الحجة التي نيب عنه فيها؟ الحنابلة يقولون: تكفي لأنه لا يجب في الإسلام إلا حجة واحدة، ولو أوجبنا عليه أن يحج بنفسه لأوجبنا عليه حجتين، وكثير من أهل العلم يقولون: لا تكفي لأنه لما عوفي عرفنا أنه غير ميئوس منه، والنيابة إنما هي في الميئوس منه.