للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالإسلام شرط من شروط الحج، والتكليف: الحج لا يجب على الصبي ولا على المجنون، إن حج الصبي حال صباه صح حجه؛ لكنه لا يجزئ عن حجة الإسلام، فإذا بلغ عليه أن يحج حجة أخرى، وقد رفعت امرأة صبياً للنبي -عليه الصلاة والسلام- فقالت: ألهذا حج؟ قال: ((نعم، ولك أجر)) فيصح حجه، ويلزمه ما يلزم المكلف من الإتمام، والتبعات مما يرتكبه من محظورات، اللهم إلا ما لا يستطيعه، والمجنون لا يصح منه الحج، وكذلك الرقيق حجه لو حج صحيح؛ لكنه كالصبي لا يجزئ، ولا يجب عليه؛ لأنه مشغول بخدمة سيده فلا يجب عليه الحج أثناء رقه، فلو حج أثناء الرق وهو مكلف؟ عليه حجة أخرى كالصبي، وإن قال بعض أهل العلم أنه يختلف عن الصبي باعتبار أنه تصح منه العبادات كالصلاة والصيام وغيرها، وفي المسألة حديث، لا يخلو من مقال، أن من حج وهو صبي أو رقيق فبلغ أو عتق فعليه حجة أخرى.

المقصود أن وجوب الحج من شرطه الحرية، يقولون: إذا بلغ الصبي، وعتق الرقيق، وأفاق المجنون بعرفة صح حجهم فرضاً، عندنا ركن تقدم قبل الأهلية، نعم لأن من أركان الحج الإحرام، والمراد به نية الدخول في النسك، فإذا أحرم وهو صبي وحجه نفل ما دام صبياً، ثم بلغ بعرفة، قالوا: تجزئ عن حجة الإسلام، ينقلب نفله فرضاً، والنية في الحج عندهم تختلف عن نية سائر العبادات؛ لأنه يمكن تحويلها، بخلاف من أحرم بنفل الصلاة، ثم أراد أن يقلبها فرضاً، ما تنقلب، وعند الحنابلة أنه إذا شرع في الصلاة، ثم بلغ في أثنائها فإنه تلزمه الإعادة؛ لأنه مضى جزء منها غير فرض، إنما هو نفل؛ لكن ما عرف عنه -عليه الصلاة والسلام- ولا عن أحد من صحابته أنه أمر أحداً صلى نفلاً، ثم بلغ في أثناء الصلاة، مع أن إثبات البلوغ في أثناء الصلاة يعني دونه خرط القتاد، وما يدريك أنه بلغ في هذه اللحظة، إلا إذا عرف أنه ولد في الدقيقة كذا من يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا، ثم على تمام الخامسة عشرة يكون قد بلغ، وهذا فيه عنت، يعني ملاحظة هذه الأمور الدقيقة ليست من مقاصد الشرع، فيها مشقة، وفيها عنت، وما عرف أن أحداً أمر بإعادة الصلاة لأنه بلغ في أثنائها.