والأنساك الثلاثة جائزة عند جمهور العلماء كلها، ويختلفون في الأفضل، ومنهم من يوجب التمتع؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر به أصحابه، أمرهم به، وأكد وشدد، وتأسف على سوقه الهدي، فدل على أنه أفضل من غيره، وقد أوجبه بعضهم، ومنهم من يرى، وقد نقل عن بعض الصحابة، أن الفسخ فسخ الحج إلى العمرة خاص بهم في تلك السنة، لأنهم أحرموا بالحج فأمرهم أن يفسخوا إلى العمرة، وقالوا: لا يجوز للإنسان أن يلتزم بشيء ينوي الدخول في شيء ولا يتمه، بل ينتقل منه إلى غيره؛ لكن لما قام سراقة بن مالك بن جعشم، فقال: ألعامنا هذا أم للأبد؟ قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((بل لأبد الأبد)) فدل على أن المحرم له أن ينتقل إلى الأعلى من الأنساك دون العكس، فمن أحرم مفرداً، ثم لما وصل البيت وجد فيه فرصة أن يجعلها عمرة، ويتحلل منها ثم يحرم بالحج يوم التروية، كما أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أصحابه هذا أكمل، له ذلك ما لم يكن حيلة، ما لم يكن عمله حيلة، كيف يكون عمله حيلة؟ يحرم مفرد أو قارن ولم يسق الهدي، ثم لما وصل البيت قال: النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر أصحابه أن يجعلوها عمرة نحن نريد أن نجعلها عمرة، فيلبي بالعمرة ويطوف ويسعى ويقصر ثم يلبس ثيابه، ويقول: أنا الآن حللت من الإحرام الحل كله، ما الذي يلزمني بالحج، وأنا الآن حلال، يعني لو لم يكن هذا حيلة يعني لو أن شخصاً جاء بنية التمتع من بلده، وأحرم ابتداء بالعمرة، يعني هذه تختلف عن قلب النية، أحرم بعمرة ابتداء من الميقات، وطاف وسعى وقصر، رأى الزحام الشديد، أو أتصل عليه أهله قالوا: نحن بحاجة إليك، ضرورة ملحة، لا بد أن تحضر، ثم رجع إلى بلده، ما الذي يلزمه بالحج؟ فيما يلزمه؟ حل الحل كله، الحنابلة يلزمونه بأن يحج عن هذه السنة؛ لأنه جاء بهذه النية؛ لكن هل مجرد النية الناهزة له من بيته تكفي لإلزامه بالإتمام؟ يعني خرج للحج من الرياض مثلاً وصل الطائف ورجع، قال: ما أنا بحاج، من يلزمه؟ يعني ما بعد لبى، في أحد يلزمه بالحج؟ ما في أحد يلزمه بالحج، وهذا يقول: أنا حللت الحل كله، ما الذي يلزمه بالحج؟ نقول: إن كان عمله حيلة أحرم بحج أو قارن ثم قلبها عمرة ليتنصل من الحج