في المشي، مع تقارب الخطى ليري المشركين قوتهم، لا بد من إغاظة المشركين بمثل هذا، وفي عمرة القضاء مشى بين الركنين؛ لأن المشركين لا يرونه في جهة الحجر، وأما في حجة الوداع فقد استوعب الطواف بالرمل من الركن إلى الركن، وهذا هو الذي استقر عليه الأمر، ثم بعد الركعتين يرجع فيستلم الحجر، ثم بعد ذلك يخرج إلى الصفاء؛ ليسعى سعي العمرة إن كان متمتعاً، وسعي الحج إن كان مفرداً أو قارناً -إن شاء-، وإن أخره -أعني المفرد والقارن- إن أخرا السعي إلى ما بعد طواف الإفاضة لهم ذلك، وإن تركا طواف القدوم فلا شيء عليهما؛ لأنه سنة، كما تقدم، ثم بعد ذلك إذا وصل إلى الصفاء قرأ قول الله -جل وعلا- قال كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((نبدأ بما بدأ الله به)) أو ابدأ، وفي رواية:((ابدأوا أمر بما بدأ الله به)) {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللهِ} [(١٥٨) سورة البقرة] ثم يستقبل البيت، ويهلل ويكبر ويدعو ثلاثاً، ثم يشرع في السعي إذا انصبت قدماه في بطن الوادي بين العلمين سعى سعياً شديداً، ثم يمشي بقية الشوط إلى أن يرقى إلى المروة، ويفعل فيها نظير ما فعل في الصفا، ومن الصفا إلى المروة شوط والرجوع من المروة إلى الصفا شوط آخر، خلافاً لمن قال: إن الذهاب والإياب شوط واحد؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- بدأ بالصفا وانتهى بالمروة، كيف ينتهي بالمروة والذهاب والإياب شوط واحد؟ لا يمكن فدل على أن الذهاب شوط، والرجوع شوط آخر، فإذا انتهى من السعي يبقى المفرد والقارن على إحرامه، ولا يقصر من شعره، وأما المتمتع يقصر من شعره، ويلبس ثيابه، ويحل الحل كله، فإذا كان يوم التروية أهل بالحج، المتمتع، وخرجوا جميعاً إلى منى، فصلوا بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم مكثوا حتى تطلع الشمس، ثم دفعوا إلى عرفة، ثم إن وصلوا إلى نمرة قبل الزوال، النبي -عليه الصلاة والسلام - وجد القبة قد ضربت له بنمرة، لما زالت الشمس رحلت له القصوى، فدفع إلى بطن عرنة، فخطب بها، وصلى الظهر والعصر جمع تقديم، بعد الخطبة، بأذان واحد وإقامتين، ثم دخل إلى الموقف بعرفة ووقف على ناقته. . . . . . . . . الجبل عند الصخرات، استقبل القبلة