للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكرنا مراراً أنه من باب المنهجية لطالب العلم أنه يحفظ النصوص، وهي العمدة وهي الأساس، ويعنى بمتن من المتون الفقهية، يدرسه يجعله خطة بحث، ما يجعله دستور ما يحيد عنه كعمل المقلدة، لا، يجعله خطة بحث، مسائله، كل مسألة في سطر أو في نصف سطر، يتصور هذه المسألة، يستدل لهذه المسألة، من وافق المؤلف من أهل العلم؟ من خالفه؟ دليل المخالف؟ يوازن بين الأدلة، ويكون محور البحث هذا الكتاب والعمدة على النص، فلا إفراط ولا تفريط، يعني لا نبالغ ونقول: يجب أن تحرق كتب الفقه وأقوال الرجال، وصدتنا عن ... ، لا ما صدتنا، ما صدتنا عن الكتاب والسنة، عمدتنا الكتاب والسنة، ولا أيضاً الطرف المقابل يعتمد على هذه الكتب وتعامل على أنها دساتير لا يحاد عنها، لا، هي كتب البشر، يصيبون ويخطئون، فمن بحث عن الحق بدليله هذا هو العالم، وهو الذي يوفق ويسدد.

في أول الحديث يقول -عليه الصلاة والسلام-: ((ما نهيتكم عنه فاجتنبوه)) حسم للمادة، فإذا ثبت النهي عن أمر من الأمور لا مندوحة للشخص للمسلم، ولا خيار له في أن يفعل أو لا يفعل: ((إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه)) يستثنى من ذلك المضطر، المضطر مستثنى، ولذا جاء تحريم الميتة وجاء إباحتها للمضطر، فالضرورات عند أهل العلم تبيح المحظورات، وما عدا ذلك هل للإنسان مندوحة في أن يفعل أو لا يفعل؟ هل له أن ينظر؟ لا، ليس له أن ينظر، {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [(٣٦) سورة الأحزاب] ما لك مندوحة.

((ما نهيتكم عنه فاجتنبوه)) يأتي الطرف الآخر ((وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم)) نعم، {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [(٢٨٦) سورة البقرة] {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [(٧٨) سورة الحج] ((إن الدين يسر)) {وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا} [(٢٨٦) سورة البقرة] نعم المأمور به مقيد بالاستطاعة، المنهي عنه مجزوم بمنعه، من دون ثنية، ولا يستثنى من ذلك إلا المضطر، طيب.