للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان أبو حاتم يقول: اللام في الكذب لام كي يسمعون لكي يكذبوا عليك. واللام في قوله لام أجل من أجل قوم آخرين لَمْ يَأْتُوكَ وهم أهل خيبر يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ جمع الكلمة مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ أي من بعد وضعه مواضعه كقوله وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى. وإنما ذكر الكتابة ردّا إلى اللفظ وهو الكلم.

وقرأ علي: يحرّفون الكلام من بعد مواضعه

يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ أي إن أفتاكم محمد بالجلد والرجم فاقبلوه وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ كفره وضلالته.

قال مجاهد: دليله قوله وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ الآية.

وقال الضحّاك: هلاكه، قتادة: عذابه نظيره ولم يأمرهم على من يؤمنون فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ أي بالهداية على القدرة لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ للمنافقين الفضيحة وهتك الستر وخوف القتل، ولليهود الجزية والقتل والسبي، [ ... ] «١» عن محمد (عليه السلام) وأصحابه وفيهم ما يكرهون وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ الخلود في النار.

سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فيه أربع لغات: السحت بضم السين والحاء وهي قراءة أهل الحجاز والبصرة، واختار الكسائي: سحت مخففة وهي قراءة أهل الشام وعاصم وحمزة وخلف. والسحت بفتح السين وجزم الحاء وهي رواية العباس عن نافع، والسحت بضم السين وجزم الحاء وهي قراءة عبيد بن عمير وهو الحرام.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «كل لحم نبت من السحت فالنار أولى به»

[٧٢] وأصله ما أشدّ أشدّه، وقال الله تعالى فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ «٢» .

قال الفرزدق:

وعض زمان يا ابن مروان لم يدع ... من المال إلّا مسحتا أو مجلف «٣»

قال: من تخلّف إذا استأصل الشجر سحت.

وقال الفرّاء: أصله كلب الجوع، فيقال: رجل سحوت المعدة إذا كان أكولا لا يلقى أبدا إلّا جائعا، فكأن بالمسترشي وآكل الحرام من الشره إلى ما يعطى مثل الذي بالمسحوت المعدة من النهم. ونزلت هذه الآية في حكام اليهود، كعب بن الأشرف وأمثاله كانوا يرتشون ويفضلون لمن رشاهم «٤» .


(١) كلام غير مقروء
. (٢) سورة طه: ٦١
. (٣) لسان العرب: ٢/ ٤١
. (٤) راجع تفسير القرطبي: ٦/ ١٨٣
.

<<  <  ج: ص:  >  >>