للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة التوبة (٩) : الآيات ٤٢ الى ٤٩]

لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لاتَّبَعُوكَ وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٤٢) عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ (٤٣) لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (٤٤) إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (٤٥) وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقاعِدِينَ (٤٦)

لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلاَّ خَبالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٤٧) لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كارِهُونَ (٤٨) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ (٤٩)

ثم نزل في المتخلفين عن غزوة تبوك من المنافقين لَوْ كانَ اسمه مضمر أي لو كان ما يدعوهم إليه عَرَضاً قَرِيباً غنيمة حاضرة وَسَفَراً قاصِداً وموضعا قريبا.

قال المبرّد: قاصِداً أي ذا قصد نحو تامر ولابن «١» ، وقيل: هو طريق مقصود فجعلت صفته على [فاعلة بمعنى مفعولة] كقوله عِيشَةٍ راضِيَةٍ «٢» أي مرضية. لَاتَّبَعُوكَ وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ يعني المسافة وقال الكسائي: هي الغزاة التي يخرجون إليها، وقال قطرب: هي السفر البعيد سمّيت شقة لأنّها تشقّ على الإنسان، والقراءة بضم الشين وهي اللغة الغالبة، وقرأ عبيد ابن عمير بكسر الشين وهي لغة قيس.

وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنا قرأ الأعمش بضم الواو لأن أصل الواو الضمة، وقرأ الحسن بفتح الواو لأن الفتح أخفّ الحركات، وقرأ الباقون بالكسر لأن الجزم يحرّك بالكسر لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ بالحلف الكاذب وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ في أيمانهم [واعتلالهم] عَفَا اللَّهُ عَنْكَ قدّم العفو على القتل.

قال قتادة وعمرو بن ميمون: شيئان فعلهما رسول الله صلى الله عليه وسلّم ولم يؤمر بهما: إذنه للمنافقين وأخذه من الأسارى الفدية فعاتبه الله كما تسمعون «٣» .

وقال بعضهم: إنّ الله عز وجل وقره ورفع محله [فهو افتتاح] الكلام بالدعاء له، كما يقول الرجل لمخاطبه إن كان كريما عنده: عفا الله عنك ما صنعت في حاجتي ورضي الله عنك إلّا زرتني، وقيل: معناه: أدام الله لك العفو.

لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا في أعذارهم وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ فيها لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ إلى قوله تعالى وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ شكّت ونافقت قلوبهم فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ متحيّرين، وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ إلى الغزو لَأَعَدُّوا لهيّأوا


(١) أي ذو تمر وذو لبن.
(٢) سورة الحاقة: ٢١.
(٣) راجع تفسير الطبري: ٨/ ١٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>