قال ابن عباس: قال كعب بن لبيد وعبد الله بن صوريا وشاس بن قبيص بعضهم لبعض:
اذهبوا بنا إلى محمد لعلنا نفتنه عن دينه فأتوه فقالوا: يا محمد قد عرفت أنّا أعيان اليهود وأشرافهم وإنّا إن اتبعناك اتبعنا اليهود ولم يخالفونا وإن بيننا وبين قومنا خصومة فنحاكمهم إليك فنقضي إما عليهم ونحن نؤمن بك ونصدقك، فأبى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلّم
وأنزل الله فيهم هذه الآية فَإِنْ تَوَلَّوْا أعرضوا عن الإيمان والحكم بالقرآن فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ أي فاعلم إن إعراضهم من أجل أن الله يريد أن يجعل لهم العقوبة في الدنيا ببعض ذنوبهم أي شؤم عصيانهم.
وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ يعني اليهود لَفاسِقُونَ أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ قرأ ابن عامر بالتاء، وفي الباقون بالياء.
وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً الآية.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ اختلفوا في نزول هذه الآية، فإن كان حكمها عاما لجميع المؤمنين.
فقال العوفي والزهري: لما انهزم أهل بدر، قال المسلمون لأوليائهم من اليهود أهربوا قبل أن يصيبكم الله بيوم مثل يوم بدر. فقال مالك بن الصيف: أغرّكم أن أصبتم رهطا من قريش لا علم لهم بالقتال، أما لو أسررنا العزيمة أن نستجمع عليكم لم يكن لكم يد أن تقتلونا.
فجاء عبادة بن الصامت الخزرجي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله إن لي أولياء من اليهود كثير عددهم، قويّة أنفسهم، شديدة شوكتهم كثيرا سلاحهم وإني أبرأ إلى الله وإلى رسوله من ولايتهم وولاية اليهود، ولا مولا لي إلّا الله ورسوله، قال عبد الله بن أبي: لكني لا أبرأ من ولاية اليهود لأني أخاف الدوائر ولا بد لي منهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «يا أبا الحباب ما نفست