وجه آخر: وهو أن يكون إِلَّا مَنْ ظُلِمَ على معنى لكن الظالم جهروا له بالسوء من القول وهو بعد استثناءه من الأول، وموضعه نصب وهو وجه حسن.
إِنْ تُبْدُوا خَيْراً يعني حسنة فتعمل بها كتبت له عشر وإن همّ بها ولم يعمل بها كتبت له حسنة واحدة أَوْ تُخْفُوهُ وقيل الخير ما صفى المال ومعناه ان تبدوا الصدقة والمعروف أو تصدّقوا بسرّ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ عن ظلم فَإِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً يعني فإنّ الله عز وجل أولى أن يتجاوز عنكم يوم القيامة عن الذنوب العظام.
إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ الآية نزلت في اليهود وذلك إنهم آمنوا بموسى وعزيز والتوراة وكفروا بعيسى والإنجيل وبمحمّد والقرآن وذلك قوله وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا أي دينا من اليهودية والإسلام، قال الله تعالى: أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ كلهم وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ يعني بين الرسل وهم المؤمنون، قالوا: لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ كما علمهم الله، فقال قُولُوا آمَنَّا- إلى قوله- لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ... أُولئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ بايمانهم بالله وكتبه ورسله وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً كما كان منهم في الشرك.
إن كعب بن الأشرف وفنحاص بن عازورا قالا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إن كنت نبيا حقا فأتنا بكتاب من السماء فما أتى به موسى فأنزل الله عز وجل يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ يعني السبعين الذين خرج بهم موسى (عليه السلام) إلى الجبل فَقالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً عيانا فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ ولم نستأصلهم وَآتَيْنا مُوسى سُلْطاناً مُبِيناً الآية.