أبي ربيعة، وكان عياش من المهاجرين الأولين [وألجأ يضربه]«١» أن يكون بلغ ما بلغ أصحابه هذه [الفعلة] وكان قدم مهاجرا وكان برا بأمه، فحلفت أن لا تأكل خبزا ولا تستظل بظل حتّى يرجع إليها ابنها قال: فقدم عليه أبو جهل وكان أخاه لأمه ورجل آخر فأراد أن يرجع معه فقال له أبو جهل: أمك [لو قد جاعت ما أكلت ولو قد شمست] ما استظلت، فقال ابنها: بلى ألقاها ثمّ أرجع. فقال: أما إذا أتيت فلا [تعطين راحلتك] أحدا، فإنه لا يزال لك من أمرك النصف ما لم تعط راحلتك أحدا فانطلق هو وأبو جهل والرجل، فلما كانوا ببعض الطريق قال أبو جهل: لو تحوّل كل واحد منا على راحلة صاحبه فتحول كل واحد منهم على راحلة صاحبه فساروا.
وضربه أبو جهل بالسوط على رأسه وحلّفه باللات والعزى فلم يزل به حتّى أعطاه الذي أراد بلسانه، ثمّ انطلق فرجع، وفيه نزلت هذه الآية مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ.
وقال مقاتل: نزلت هذه الآية في جبر مولى عامر بن الحضرمي، أكرهه سيّده على الكفر فكفر مكرها وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ، وأسلم مولى جبر وحسن إسلامه وهاجر خير مع سيده.
وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً أي فتح صدرا وكفر بالقبول وأتى على اختيار واستحباب فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ وفي هذه الآية دليل على أن حقيقة الايمان والكفر تتعلق بالقلب دون اللسان وأن اللسان هو المعبّر والترجمان.
[حكم الآية]
اتفق الفقهاء على أن المكره على الكفر، وعلى شتم الرسول صلّى الله عليه وسلّم والأصحاب وترك الصلاة وقذف المحصنة وما أشبهها من ترك الطاعات وارتكاب الشبهات بوعيد متلف أو ضرب شديد لا يحتمله إن له أن يفعل ما أكره عليه، وإن أبى ذلك حتى يغضب في الله فهو أفضل له.
وأما الإكراه على الطلاق فاختلفوا فيه:
فأجاز أهل العراق الطلاق المكره، وكذلك قالوا في الإكراه على النذور والايمان [والرجعة] ونحوها، رأوا ذلك [جائزا] ورووا في ذلك أحاديثا واهية الأسانيد.
وأما مالك والأوزاعي والشافعي: فإنهم أبطلوا طلاق المكره وقالوا: لما وجدنا الله سبحانه وتعالى عذر المكره على شيء، ليس [وراءه] في الشر مذهب وهو الكفر ولم يحكم به مع الإكراه، علمنا أن ما دونه أولى بالبطول وأجرى في العذر.
وهو قول عمر بن الخطاب وابنه وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن عبّاس وعبد الله بن الزبير، وعمر بن عبد العزيز وسعيد بن المسيب والقاسم بن مخيمرة وعبيد بن عمير، وللشافعي