[سورة الدخان (٤٤) : الآيات ١٧ الى ٣٧]
وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (١٧) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٨) وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (١٩) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (٢٠) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (٢١)
فَدَعا رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (٢٢) فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلاً إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (٢٣) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (٢٤) كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٢٥) وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ (٢٦)
وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ (٢٧) كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ (٢٨) فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ (٢٩) وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ (٣٠) مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كانَ عالِياً مِنَ الْمُسْرِفِينَ (٣١)
وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ (٣٢) وَآتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ (٣٣) إِنَّ هؤُلاءِ لَيَقُولُونَ (٣٤) إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (٣٥) فَأْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣٦)
أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْناهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ (٣٧)
وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ على الله وهو موسى بن عمران (عليه السلام) ، وقيل: شريف وبسيط في قومه. أَنْ أَدُّوا أن ادفعوا. إِلَيَّ عِبادَ اللَّهِ يعني بني إسرائيل فلا يعذبهم. إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ على الوحي.
وَأَنْ لا تَعْلُوا تطغوا وتبغوا. عَلَى اللَّهِ فتعصوه وتخالفوا أمره. إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ برهان مبين فتوعدوه بالقتل. فقال: وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ يقتلون، وقال قتادة: تَرْجُمُونِ بالحجارة. ابن عباس: يشتمون ويقولون هو ساحر. وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ فخلوا سبيلي غير مرجوم باللسان ولا باليد.
فَدَعا رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ مشركون، فقال سبحانه: فَأَسْرِ بِعِبادِي بني إسرائيل. لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ يتبعكم فرعون وقومه.
وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً إذا قطعته أنت وأصحابك رهوا ساكنا على حالته وهيئته الّتي كان عليها حين دخلته. إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ.
واختلفت عبارات المفسرين عن معنى الرهو فروى الوالبي عن ابن عباس رَهْواً، قال:
سمتا. العوفي عنه: هو أن يترك كما كان. كعب: طريقا. ربيع: سهلا. ضحاك: دمثا. عكرمة:
يابسا جزرا، وقيل جذاذا. قتادة: طريقا يابسا، وأصل الرهو في كلام العرب السكون. قال الشاعر:
كأنما أهل حجر ينظرون متى ... يرونني خارجا طيرا يناديد «١»
طيرا رأت بازيا نضح الدماء به ... وأمه خرجت رهوا إلى عيد
يعني عليها سكون.
كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ مجلس كَرِيمٍ شريف وإنّما سماه كريما لأنّه مجلس الملوك، قاله مجاهد وسعيد بن جبير، وقالا: هي المنابر، وقال قتادة: الكريم الحسن.
(١) جامع البيان للطبري: ٢٥/ ١٥٨.