للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ محمّدا عليه السلام. الرُّؤْيا التي أراها إيّاه في مخرجه إلى الحديبية، أنّه يدخل هو وأصحابه المسجد الحرام. بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ كلّها وَمُقَصِّرِينَ بعض رؤوسكم لا تَخافُونَ وقوله: لَتَدْخُلُنَّ يعني وقال: لَتَدْخُلُنَّ لأنّ عبارة (الرُّؤْيا) قول، وقال ابن كيسان: قوله: لَتَدْخُلُنَّ من قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأصحابه حكاية عن رؤياه، فأخبر الله تعالى، عن رسوله أنّه قال ذلك، ولهذا استثنى تأدّبا بأدب الله تعالى حيث قال له: وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ «١» ، وقال أبو عبيدة: (إن) بمعنى إذ مجازه إذ شاء الله كقوله: إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً «٢» .

وقال الحسين بن الفضل: يجوز أن يكون الاستثناء من الدخول لأنّ بين (الرؤيا) وتصديقها سنة، ومات منهم في السنة أناس، فمجاز الآية لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ كلّكم إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ.

ويجوز أن يكون الاستثناء واقعا على الخوف، والأمن لا على الدخول، لأنّ الدخول لم يكن فيه شك،

لقوله صلّى الله عليه وسلّم عند دخول المقبرة: «وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون»

[٥٤] «٣» فالاستثناء واقع على اللحوق دون الموت.

فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا أنّ الصلاح كان في الصلح، وهو قوله: وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ..

الآية. فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ أي من دون دخولهما المسجد الحرام، وتحقيق رؤيا رسول الله فَتْحاً قَرِيباً وهو صلح الحديبية عن أكثر المفسّرين، قال الزهري: ما فتح في الإسلام كان أعظم من صلح الحديبية، لأنّه إنّما كان القتال حيث التقى النّاس، فلمّا كانت الهدنة وضعت الحرب، وأمن النّاس بعضهم بعضا، فالتقوا فتفاوضوا في الحديث، والمناظرة، فلم يكلّم أحد بالإسلام يعقل شيئا إلّا دخل فيه في تينك السنتين في الإسلام، مثل من كان في الإسلام قبل ذلك وأكثر،

وقال ابن زيد: هو فتح خيبر فتحها الله تعالى عليهم حين رجعوا من الحديبية، فقسّمها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على أهل الحديبية كلّهم إلّا رجلا واحدا من الأنصار، وهو أبو دجانة سماك بن خرشة كان قد شهد الحديبية، وغاب عن خيبر.

[سورة الفتح (٤٨) : الآيات ٢٨ الى ٢٩]

هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً (٢٨) مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (٢٩)


(١) سورة الكهف: ٢٣.
(٢) سورة النور: ٣٣.
(٣) سنن ابن ماجة: ١/ ٤٩٣ ح ١٥٤٧

<<  <  ج: ص:  >  >>