للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالوا: ما جعل الله التوراة في قلب رجل بعد ما نسخت وذهبت إلّا أنّه ابنه، فعندها قالوا: عزير ابن الله، وسنذكر هذه القصّة بالاستقصاء في سورة التوبة إن شاء الله.

فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ ذلك عيانا قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ قرأ ابن عباس وأبو رجاء وحمزة والكسائي: قالَ أِعْلَمْ موصولا مجزوما على الأمر بمعنى قال الله له أعلم، يدلّ عليه قراءة عبد الله والأعمش: قل اعلم، وقرأ الباقون قالَ أَعْلَمُ معطوفا مرفوعا على الخبر عن عزير أنّه قال لمّا رأى ذلك: أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

عن المنعم بن إدريس عن أبيه عن وهب قال: ليس في الجنّة كلب ولا حمار إلّا كلب أصحاب الكهف وحمار أرميا الذي أماته اللَّهُ مِائَةَ عامٍ.

[[سورة البقرة (٢) : آية ٢٦٠]]

وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٦٠)

وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى الآية إن قيل: ما السبب في مسألة إبراهيم ربّه عزّ وجلّ أن يريه كيف يحيي الموتى، وما وجه ذلك، وهل كان إبراهيم شاكّا في إحيائه الموتى حتّى قال: وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي؟

فالجواب عنه من وجوه: قال الحسن وقتادة وعطاء الخراساني والضحاك وابن جريج:

كان سبب ذلك السؤال أنّ إبراهيم أتى على دابة ميّتة، قال ابن جريج: كانت جيفة حمار بساحل البحر، قال عطاء: بحيرة الطبريّة، قالوا: فرآها وقد توزّعتها [دواب] البر والبحر، وكان إذا مدّ البحر جاءت الحيتان ودواب البحر فأكلت منها فما وقع منها يصير في الماء، وإذا جزر البحر جاءت السباع فأكلت منها فما وقع منها يصير ترابا، فإذا ذهبت السباع جاءت الطيور فأكلن منها فما سقط قطعته الريح في الهواء، فلما رأى ذلك إبراهيم عليه السّلام تعجّب منها وقال: يا رب قد علمت لتجمعنها من بطون هذه السباع وحواصل الطيور وأجواف دواب البر فأرني كيف تحييها لأعاين ذلك فأزداد يقينا، فعاتبه الله عزّ وجلّ فقال: قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ بإحياء الموتى قالَ بَلى يا رب علمت وآمنت ولكن ليس الخبر كالمعاينة فذلك قوله: وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي أي يسكن قلبي إلى المعاينة والمشاهدة.

فعلى هذا القول أراد إبراهيم عليه السّلام أن يصير له علم اليقين عين اليقين، كما أن الإنسان يعلم الشيء ويتيقنه ولكن يحب أن يراه من غير شك له فيه، كما أن المؤمنين يحبّون رؤية النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ورؤية الجنّة ورؤية الله تعالى مع الإيمان بذلك وزوال الشك فيه.

قال ابن زيد: مرّ إبراهيم عليه السّلام بحوت ميّت نصفه في البر ونصفه في البحر فما كان في

<<  <  ج: ص:  >  >>