للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة القيامة (٧٥) : الآيات ١٤ الى ٢٨]

بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (١٤) وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ (١٥) لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨)

ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ (١٩) كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ (٢٠) وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ (٢١) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (٢٢) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ (٢٣)

وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ (٢٤) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ (٢٥) كَلاَّ إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ (٢٦) وَقِيلَ مَنْ راقٍ (٢٧) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ (٢٨)

بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ

قال عكرمة ومقاتل والكلبي: معناه بل الإنسان على نفسه من نفسه رقبا يرقبونه بعمله ويشهدون عليه به وهي: سمعه وبصره ويداه ورجلاه وجميع جوارحه وهذه رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.

قال القبسي: أقام جوارحه مقام نفسه لذلك رأت ويجوز أن يكون تأنيثه للإضافة إلى النفس كما تقول في الكلام: ذهبت بعض أصابعه، وبَصِيرَةٌ

مرفوعة بخبر حرف الصفة وهي قوله عَلى نَفْسِهِ

، ويحتمل أن يكون معناه بل الإنسان على نفسه ببصيرة، ثم حذفت حرف الجر كقوله: وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ «١» أي لأولادكم، ويصلح أن يكون نعتا لاسم مؤنث أي بل للإنسان على نفسه عين بصيرة وأنشد الفراء:

كأن على ذي العقل عينا بصيرة ... بمقعده أو منظر هو ناظره

يحاذر حتّى يحسب الناس كلهم ... من الخوف ولا تخفى عليه سرائره «٢»

قال أبو العالية وعطاء: بل الإنسان على نفسه شاهد، وهي رواية العوفي عن ابن عباس، والهاء في بَصِيرَةٌ

للمبالغة، وقال الأخفش: هي كقولك فلان عبرة وحجة، ودليل هذا التأويل قول الله تعالى: كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً «٣» وقال ابن تغلب: البصيرة والبينة والشاهد والدليل واحد.

ر حتّى يحسب الناس كلهم ... من الخوف ولا تخفى عليه سرائره «٢»

قال أبو العالية وعطاء: بل الإنسان على نفسه شاهد، وهي رواية العوفي عن ابن عباس، والهاء في بَصِيرَةٌ

للمبالغة، وقال الأخفش: هي كقولك فلان عبرة وحجة، ودليل هذا التأويل قول الله تعالى: كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً «٣» وقال ابن تغلب: البصيرة والبينة والشاهد والدليل واحد. وَلَوْ أَلْقى عليه مَعاذِيرَهُ

يعني أنه يشهد عليه الشاهد ولو أعتذر وجادل عن نفسه.

نظيره قوله سبحانه: يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ «٤» وقوله: وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ «٥» وهذا قول مجاهد وقتادة وسعيد بن جبير وابن زيد وأبو العالية وعطا. قال الفراء: ولو اعتذر


(١) سورة البقرة: ٢٣٣.
(٢) تفسير القرطبي: ١٩/ ١٠٠.
(٣) سورة الإسراء: ١٤.
(٤) سورة غافر: ٥١.
(٥) سورة المرسلات: ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>