[فصل في حكم الآية]
اعلم إنّه لا رخصة لأحد من المؤمنين البالغين في إفطار شهر رمضان إلّا لأربعة:
أحدهم: عليه القضاء والكفارة.
والثاني: عليه القضاء دون الكفارة.
والثالث: عليه الكفّارة دون القضاء.
والرابع: لا قضاء عليه ولا كفارة.
وأمّا الذي عليه القضاء والكفّارة فمن فرّط في قضاء رمضان حتّى دخل رمضان آخر، والحامل والمرضع إذا خافتا على أولادهما أفطرتا وعليهما القضاء والكفّارة، وإن خافتا على أنفسهما فهما كالمريض حكمهما كحكمه هذا قول ابن عمر ومجاهد ومذهب الشّافعي.
وقال بعضهم: في الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما وولدهما أن عليهما الكفّارة ولا قضاء وهو قول ابن عبّاس.
وقال قوم: عليهما القضاء ولا كفارة وهو قول إبراهيم والحسن وعطاء والضحّاك ومذهب أهل العراق ومالك والأوزاعي.
وأمّا الّذي عليه القضاء دون الكفّارة فالمريض والمسافر والحائض والنفساء عليهم القضاء دون الكفّارة.
قال أنس: أتيت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو يتغذّى فقال: «أجلس» فقلت: إنّي صائم. فقال:
«أجلس أحدّثك: إنّ الله وضع على المسافر الصوم وشطر الصّلاة» [٣٩] «١» .
وأمّا الّذي عليه الكفّارة دون القضاء فالشّيخ الهرم والشّيخة الكبيرة ومن به مرض دائم لا يرجى برؤه وصاحب العطاش الّذي يخاف منه الموت، عليهم الكفّارة ولا قضاء هذا قول عامّة الفقهاء.
وروى عن ربيعة بن أبي عبد الرّحمن وخالد بن الدريك إنّهما قالا في الشّيخ والشّيخة: إن استطاعا صاما وإلّا فلا كفّارة عليهما وليس عليهما شيء إذا أفطرا.
وقال مالك: لا أرى ذلك واجبا عليهما وأحبّ أن يفعلا فأمّا الّذي لا قضاء عليه ولا كفّارة فالمجنون.
واختلف العلماء في حدّ الإطعام في كفّارة الصّيام فقال بعضهم: القدر الواجب نصف
(١) مواهب الجليل للرعيني: ٢/ ٦، وتلخيص الحبير: ٦/ ٤٢٦.