وقال يزيد بن دومان: هم بنو حارثة همّوا يوم أحد أن يفشلوا مع بني سلمة، فلمّا نزل فيهم ما نزل عاهدوا الله أن لا يعودوا لمثلها أبدا، فذكر الله لهم الذي أعطوه من أنفسهم، وقال قتادة: هم ناس كانوا قد غابوا عن واقعة بدر ورأوا ما أعطى الله أهل بدر من الكرامة والفضيلة فقالوا: لئن أشهدنا الله قتالا لنقاتلنّ، فساق الله ذلك إليهم في ناحية المدينة.
وقال مقاتل والكلبي: هم سبعون رجلا بايعوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم ليلة العقبة، وقالوا له:
اشترط لربّك ولنفسك ما شئت، فقال النبي (عليه السلام) : «اشترط لربّي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأشترط لنفسي أن تمنعوني ممّا تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأولادكم وأموالكم، قالوا: فإذا فعلنا ذلك فما لنا يا رسول الله؟ قال: لكم النصر في الدّنيا والجنّة في الآخرة»[٨]«١» قالوا: قد فعلنا، فذلك عهدهم.
وَكانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُلًا قوله عزّ وجلّ: قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ الذي كتب عليكم وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا إلى آجالكم، والدنيا كلّها قليل.