للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقديره: يضربون أجسادهم كلها، وقال ابن عباس: كانوا إذا أقبل المشركون بوجوههم إلى المسلمين ضربوا وجوههم بالسيوف، وإذا ولّوا أدركتهم الملائكة فضربوا أدبارهم،

وقال الحسن: قال رجل: يا رسول الله رأيت بظهراني رجل مثل الشراك، قال: ذلك ضرب الملائكة

، وقال الحسين بن الفضل: ضرب الوجه عقوبة كفرهم، وضرب الأدبار عقوبة معاصيهم.

وَذُوقُوا فيه إضمار، أي ويقولون لهم ذوقوا عَذابَ الْحَرِيقِ في الآخرة، ورأيت في بعض التفاسير: كان مع الملائكة مقامع من حديد كلّما ضربوا التهب النار في الجراحات فذلك قوله تعالى: وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ، ومعنى قوله ذُوقُوا: قاسوا واحتملوا. قال الشاعر:

فذوقوا كما ذقنا غداة محجر ... من الغيظ في أكبادنا والتحوب «١»

ويجوز ذُوقُوا بمعنى موضع الابتلاء والاختبار يقول العرب اركب هذا الفرس فذقه، وانظر فلانا وذق ما عنده. قال الشماخ في وصف قوس:

فذاق وأعطاه من اللين جانبا ... كفى ولها أن يغرق السهم حاجز «٢»

وأصله من الذوق بالفم ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ كسبت وعملت أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ أخذهم من غير جزم، وفي محل «أنّ» وجهان من الاعراب: أحدهما النصب عطفا على قوله (بِما قَدَّمَتْ) تقديره: وأن الله، والآخر: الرفع عطفا على قوله (ذلِكَ) معناه: وذلك أن الله.


(١) البيت لطفيل الغنوي كما في لسان العرب: ١/ ٣٣٩
. (٢) لسان العرب: ١٠/ ١١٢ وفيه: النيل حاجز
.

<<  <  ج: ص:  >  >>