للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ تخوضون. فِيهِ كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

[سورة الأحقاف (٤٦) : الآيات ٩ الى ١٢]

قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ وَما أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٩) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ (١١) وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ (١٢)

قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ بديعا مثل نصف ونصيف، من الرسل، لست بأوّل مرسل، فلم تنكرون نبوّتي؟ هل أنا إلّا كالأنبياء قبلي؟ وجمع البدع: أبداع، قال عدي بن زيد:

فلا أنا بدع من حوادث تعتري ... رجالا عرت من بعد بؤسي وأسعدي «١»

وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ اختلف العلماء في معنى هذه الآية وحكمها، فقال بعضهم: معناها وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ يوم القيامة.

فلمّا نزلت هذه الآية فرح المشركون فرحا شديدا، وقالوا: واللات والعزّى ما أمرنا وأمر محمّد صلّى الله عليه وسلّم عند الله إلّا واحد، وما له علينا من مزية وفضل، ولولا إنّه ابتدع ما يقوله من ذات نفسه لأخبره الذي بعثه بما يفعل به. فأنزل الله تعالى لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ «٢» .

فبيّن له أمره ونسخت هذه الآية، فقالت الصحابة: هنيئا لك يا نبيّ الله، قد علمنا ما يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟ فأنزل الله تعالى: لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ «٣» الآية. وأنزل وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيراً «٤» فبيّن الله تعالى ما يفعل به وبهم.

وهذا قول أنس وقتادة والحسن وعكرمة.

أخبرني الحسين بن محمّد بن الحسين الدينوري، حدّثنا أحمد بن محمّد بن إسحاق السني، حدّثنا إسماعيل بن داود، حدّثنا هارون بن سعيد، حدّثنا ابن وهب، أخبرني يونس بن يزيد، عن أبي شهاب إنّ خارجة بن زيد بن ثابت أخبره أنّ أمّ العلاء- امرأة من الأنصار قد بايعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم- أخبرته أنّهم اقتسموا والمهاجرين سكناهم قرعة.


(١) تفسير الطبري: ٢٦/ ٨.
(٢) سورة الفتح: ٢.
(٣) سورة الفتح: ٥.
(٤) سورة الأحزاب: ٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>