للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة الرعد (١٣) : الآيات ٥ الى ١٠]

وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٥) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ (٦) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (٧) اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ (٨) عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ (٩)

سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ (١٠)

وَإِنْ تَعْجَبْ يا محمد من تكذيب هؤلاء المشركين واتخاذهم ما لا يضر ولا ينفع آلهة يعبدونها من دون الله، وهم قراء تعبدون من الله وامره وما ضرب الله من الأمثال فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ فتعجب أيضا من قيلهم إِذا كُنَّا تُراباً بعد الموت إِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ فيعاد خلقنا جديدا كما كنا قبل الوجود.

قال الله: أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ «١» يوم القيامة وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ جهنم وَيَسْتَعْجِلُونَكَ يعني مشركي مكة بِالسَّيِّئَةِ بالبلاء والعقوبة قَبْلَ الْحَسَنَةِ الرخاء والعافية، وذلك أنّهم سألوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إن جاءهم العذاب فاستهزأ منهم بذلك.

وقالوا: اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ «٢» الآية وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ وقد مضت من قبلهم في الأمم التي عصت ربها وكذبت رسلها، العقوبات المنكلات واحدتها: مثلة بفتح الميم وضم التاء مثل صدقة وصدقات.

وتميم: بضم التاء والميم جميعا، وواحدتها على لغتهم مثلة بضم الميم وجزم الثاء مثل عرفة وعرفات والفعل منه مثلت به أمثل مثلا بفتح الميم وسكون الثاء.

وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ.

أحمد بن منبه عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب قال: ولما نزلت هذه الآية وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ لأحد العيش، ولولا وعيده وعقابه لاتكل كل أحد» [١٣٢] «٣» .

وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ يعني على محمد صلّى الله عليه وسلّم آيَةٌ علامة وحجة على نبوته، قال الله: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ مخوف وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ داع يدعوهم إلى الله عزّ وجلّ إمام يأتمون به.

وقال الكلبي: داع يدعوهم إلى الضلالة أو إلى الحق.


(١) سورة الإسراء: ٨٢.
(٢) سورة الأنفال: ٣٢.
(٣) الدر المنثور: ٤/ ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>