ابن عبد الله الضبيعي عن] «١» العباس بن محمد بن عبد الرحمن: حدّثني أبي عن يحيى بن إسماعيل بن مسلمة ابن كهيل قال: كانت لي أخت أسن منّي فاختلطت وذهب عقلها، وتوحّشت، وكانت في غرفة في أقصى سطوحها، فمكثت بذلك بضع عشرة سنة، وكانت مع ذهاب عقلها تحرص على الصلاة والطهور. فبينا أنا نائم ذات ليلة إذ باب بيتي يدق في نصف الليل، فقلت: من هذا؟ قالت: بحّة. قلت: أختي قالت: أختك. فقلت: لبيك. وقمت ففتحت الباب، فدخلت ولا عهد لها بالبيت منذ أكثر من عشر سنين، فقلت لها: يا أخته خيرا؟ قالت:
خير، أتيت الليلة في منامي، فقيل: السلام عليك يا بحّة، فقلت: وعليك السلام، فقيل: إنّ الله قد حفظ أباك إسماعيل بن سلمة بن كهيل بسلمة جدك، وحفظك بأبيك إسماعيل، فإن شئت دعوت الله لك فأذهب ما بك، وإن شئت صبرت ولك الجنّة، فإن أبا بكر وعمر قد تشفعا لك إلى الله عزّ وجلّ بحب أبيك وجدك إيّاهما. فقلت: إن كان لا بدّ من اختيار أحدهما، فالصبر على ما أنا فيه والجنّة، فإن الله عزّ وجلّ لواسع لخلقه لا يتعاظمه شيء، إن يشأ يجمعهما لي فعل. قالت: فقيل لي: قد جمعهما الله عزّ وجلّ لك ورضي عن أبيك وجدك بحبهما أبا بكر وعمر، قومي فانزلي. قال: فأذهب الله ما بها.
فَأَرادَ رَبُّكَ يا موسى أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما، أي يدركا شدّتهما وقوّتهما. وقيل: ثماني عشرة سنة، وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما المكنوز تحت الجدار، وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي برأيي ومن تلقاء نفسي، بل فعلت عن أمر الله عزّ وجلّ. ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً و (اسطاع) و (استطاع) بمعنى واحد.