للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي جحدته.

وقرأ سعيد بن جبير وطلحة بن مسرف أفتُمرونه بضم التاء بلا ألف، أي تريبونه وتشككونه، وقرأ الباقون أَفَتُمارُونَهُ بالألف وضم التاء على معنى أفتجادلونه، وهو اختيار أبي حاتم،

وفي الحديث «لا تماروا في القرآن فإن المراء فيه كفر»

[١٢٣] «١» .

[سورة النجم (٥٣) : الآيات ١٣ الى ٢٣]

وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى (١٤) عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى (١٥) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى (١٦) ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى (١٧)

لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى (١٨) أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى (٢٠) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى (٢١) تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى (٢٢)

إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى (٢٣)

وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى مرة أخرى، فسمّاها نزلة على الاستعارة، وذلك أنّ جبريل رآه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على صورته التي خلق عليها مرتين: مرة بالأفق الأعلى في الأرض، ومرة عند سدرة المنتهى في السماء، وهذا قول عائشة وأكثر العلماء وهو الاختيار، لأنه قرن الرؤية بالمكان فقال عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى، ولأنه قال: نَزْلَةً أُخْرى وتقديرها: ولقد رآه نازلا نزلة أخرى، ووصف الله سبحانه بالمكان والنزول الذي هو الانتقال محال ولأنه قال: نَزْلَةً أُخْرى ولم يرو في الحديث أنّه صلّى الله عليه وسلّم رأى ربّه عزّ وجل قبل ليلة المعراج فيراه تلك الليلة مرة أخرى، يدل عليها ما

أخبرني عقيل بن محمد أنّ أبا الفرج أخبرهم عن محمد بن جرير عن محمد بن المثنى قال: حدّثنا عبد الوهاب الثقفي. قال: حدّثنا داود بن عامر عن مسروق أن عائشة رضي الله عنها قالت: من زعم أنّ محمدا رأى ربّه فقد أعظم الفرية على الله.

قال: وكنت متكئا فجلست فقلت: يا أم المؤمنين، أنظريني ولا تعجلي، أرأيت قول الله سبحانه وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ. قالت: إنّما هو جبريل رآه على صورته التي خلق عليها مرتين: مرة حين هبط من السماء إلى الأرض سادّا أعظم حلقة ما بين السماء إلى الأرض، ومرة عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى. قالت: وأنا أوّل من سأل النبي «عن هذه الآية فقال: «هو جبريل» [١٢٤] .

عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى (عند) صلة من قوله: رَآهُ والسدرة: شجرة النبق، وقيل لها سدرة المنتهى لأنه إليها ينتهي علم كل عالم.

وقال هلال بن سياف: سأل ابن عباس كعبا عن سِدْرَةِ الْمُنْتَهى وأنا حاضر فقال كعب:


(١) كنز العمال: ١/ ٦١٩ ج ٢٨٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>