للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: حدّثنا جدي لأمي محمد بن عبد الله بن مرزوق، قال: حدّثنا عفان بن مسلم قال: حدّثنا همان بن عبد الله بن شفيق قال: قلت لأبي ذر: لو رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لسألته، قال: وعما كنت تسأله؟ قلت: كنت أسأله: هل رأى ربّه عز وجل؟ قال: فإني قد سألته فقال: «قد رأيت نورا، أنى أراه؟» «١» [١٢١] .

وكذلك روي عن أبي سعيد الخدري أنّه قال: سئل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى قال: «رأيت نورا»

«٢» [١٢٢] ، ومثله روى مجاهد وعكرمه عن ابن عباس.

وقد ورد في هذا الباب حديث جامع وهو ما أخبرني الحسين بن الحسن، قال: حدّثنا ابن حبش، قال: أخبرنا علي بن زنجويه، قال: حدّثنا سلمة بن عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيينة عن مجالد عن سعيد عن الشعبي عن عبد الله بن الحرث قال: اجتمع ابن عباس وكعب فقال ابن عباس: أمّا نحن بنو هاشم فنقول: إنّ محمدا رأى ربّه مرتين، وقال ابن عباس يحبّون أن تكون الخلّة لإبراهيم والكلام لموسى والرؤية لمحمد. قال: فكبّر كعب حتى جاوبته الجبال، ثم قال:

إن الله سبحانه قسم رؤيته وكلامه بين محمد وموسى عليه السلام، فكلّمه موسى ورآه محمد.

قال مجالد: وقال الشعبي: فأخبرني مسروق أنّه قال لعائشة رضي الله عنها: يا أمتاه، هل رأى محمد صلّى الله عليه وسلّم ربّه تعالى قط؟، قالت: إنك لتقول قولا، إنّه ليقف منه شعري، قال: قلت: رويدا فقرأت عليها: وَالنَّجْمِ إِذا هَوى حتى قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى. فقالت: رويدا، أين يذهب بك؟ إنّما رأى جبريل في صورته. من حدّثك أن محمدا رأى ربّه فقد كذب، والله عز وجل يقول: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ، ومن حدّثك أنّه يعلم الخمس من الغيب فقد كذب، والله سبحانه يقول: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ الآية، ومن حدّثك أنّ محمدا كتم شيئا من الوحي فقد كذب، والله عز وجلّ يقول: بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الآية.

قال عبد الرزاق: فذكرت هذا الحديث لعمر، فقال: ما عائشة عندنا بأعلم من ابن عباس.

أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى أي: رأى.

قرأ علي وابن مسعود وابن عباس وعائشة ومسروق والنخعي وحمزة والكسائي وخلف ويعقوب أفتَمرونه بفتح الباء من غير ألف

على معنى أفتجحدونه، واختاره أبو عبيد، قال:

لأنهم لم يماروه وإنّما يجحدونه، يقول العرب: مريت الرجل حقّه إذا جحدته. قال الشاعر:

لئن هجرت أخا صدق ومكرمة ... لقد مريت أخا ما كان يمريكا «٣»


(١) شرح مسلم للنووي: ٣/ ١٢، تفسير القرطبي ١٧/ ٩٣ تفسير ابن كثير: ٣/ ٥ مع تقديم وتأخير في ألفاظ الحديث
(٢) المصدر السابق،.
(٣) تفسير القرطبي: ١٧/ ٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>