للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنّما جمع وهما اثنان، لأن معنى الجمع ضم شيء إلى شيء فالاثنان فما فوقهما جماعة، كقوله عزّ وجلّ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما «١» .

[سورة ص (٣٨) : الآيات ٢٢ الى ٢٨]

إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ (٢٢) إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ (٢٣) قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ (٢٤) فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ (٢٥) يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ (٢٦)

وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (٢٧) أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (٢٨)

إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ قال الفراء: قد كرر إذ مرتين، ويكون معناهما كالواحد، كقولك:

ضربتك إذ دخلت علي إذ اجترأت، فالدخول هو الاجتراء، ويجوز أن يجعل إحداهما على مذهب لما.

فَفَزِعَ مِنْهُمْ حين همّا عليه محرابه بغير إذنه.

قالُوا لا تَخَفْ يا داود خَصْمانِ أي نحن خصمان بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ ولا تجز، عن ابن عبّاس والضحاك.

وقال السدي: لا تسرف. المؤرخ: لا تفرط.

وقرأ أبو رجاء العطاردي: وَلا تَشْطُطْ بفتح التاء وضم الطاء الأولى، والشطط والأشطاط مجاوزة الحد، وأصل الكلمة من حدهم شطت الدار، وأشطت إذا بعدت.

وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ أيّ وسط الطريق، فإن قيل: كيف قال: إِنَّ هذا أَخِي فأوجب الأخوة بين الملائكة ولا مناسبة بينهم، لأنهم لا ينسلون.

في الجواب: أن معنى الآية: نحن لخصمين كما يقال وجهه: القمر حسنا، أيّ كالقمر.

قال أحد الخصمين إِنَّ هذا أَخِي على التمثيل لا على التحقيق، على معنى كونهما على طريقة واحدة وجنس واحد، كقوله سبحانه: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ وقد قيل: إن المتسورين كانا أخوين من بني إسرائيل لأب وأم، وإن أحدهما كان ملكا والآخر لم يكن ملكا، فنبها داود على ما فعل.


(١) سورة التحريم: ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>