للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(التفسير وبالله التوفيق)

[[سورة الفاتحة (١) : آية ١]]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (١)

قوله: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اعلم أنّ هذه الباء زائدة، وهي تسمّى باء التضمين أو باء الإلصاق، كقولك: كتبت بالقلم، فالكتابة لاصقة بالقلم. وهي مكسورة أبدا والعلة في ذلك أن الباء حرف ناقص ممال. والإمالة من دلائل الكسر، قال سيبويه: لما لم يكن للباء عمل إلّا الكسر كسرت.

وقال المبرّد: العلّة في كسرها ردّها إلى الأصل، ألا ترى أنك إذا أخبرت عن نفسك فإنك قلت: بيبيت، فرددتها إلى الياء والياء أخت الكسرة كما أن الواو أخت الضمة والألف أخت الفتحة، وهي خافضة لما بعدها فلذلك كسرت ميم الاسم.

وطوّلت هاهنا وشبهت بالألف واللام لأنهم لم يريدوا أن يفتتحوا كتاب الله إلّا بحرف مفخّم معظّم. قاله القيسي.

قال: وكان عمر بن عبد العزيز (رحمه الله) يقول لكتّابه: (طوّلوا الباء، وأظهروا السين، وفرّجوا بينهما، ودوّروا الميم تعظيما لكلام الله تعالى) .

وقال أبو.... «١» .. خالد بن يزيد المرادي: العلّة فيها إسقاط الألف من الاسم، فلما أسقطوا الألف ردّوا طول الألف الى الباء ليكون دالّا على سقوط الألف منها. ألا ترى أنهم لمّا كتبوا: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ «٢» بالألف ردّوا الباء إلى صيغتها، فإنما حذفوا الألف من (اسم) هنا فالكثرة دورها على الألسن عملا بالخفّة، ولمّا لم يكثر أضرابها كثرتها أثبتوا الألف بها.

وفي الكلام إضمار واختصار تقديره: قل، أو ابدأ بسم الله.

وقال آدم: الاسم فيه صلة، مجازه: «٣» بالله الرّحمن الرحيم هو، واحتجوا بقول لبيد:

تمنى ابنتاي أن يعيش أبوهما ... وهل أنا إلّا من ربيعة أو مضر «٤»

إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ... ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر «٥»


(١) بياض في المخطوط.
(٢) سورة العلق: ١.
(٣) أو معناه. (هامش المخطوط) .
(٤) شرح الرضي على الكافية: ٢/ ٢٤٢.
(٥) الصحاح: ٢/ ٧٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>