فَإِنْ طَلَّقَها يعني ثلاثا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ يعني من بعد التطليقة الثالثة، وبعد رفع على الغاية حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ أي غير المطلّق فيجامعها، والنكاح يتناول العقد والوطء جميعا.
نزلت هذه الآية في تميمة، وقيل: عائشة بنت عبد الرحمن بن عتيك القرطي، كانت تحت رفاعة بن وهب بن عتيك القرطي، وكان ابن عمها فطلّقها ثلاثا، وتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير وما معه إلّا مثل هدبة الثوب، وإنه طلقني قبل أن يمسّني أفأرجع إلى ابن عمي زوجي الأول؟ فتبسّم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقال:«أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة، لا حتّى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك» .
قال: وأبو بكر جالس عند النبي صلّى الله عليه وسلّم، وخالد بن سعيد بن العاص جالس بباب الحجرة فطفق خالد ينادي: يا أبا بكر ألا تزجر هذه عما تهجر به عند رسول الله [١٤٨]«١» ، والعسيلة اسم للجماع، وأصلها من العسل شبّه للّذة التي ينالها الإنسان في تلك الحال بالعسل يقال منه:
عسلها يعسلها عسلا إذا جامعها.
فلبثت ما شاء الله أن تلبث ثم رجعت إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقالت: إن زوجي كان قد مسّني، فقال لها النبي صلّى الله عليه وسلّم:«كذبت بقولك الأول فلن نصدّقك في الآخر»[١٤٩] فلبثت حتّى قبض النبي صلّى الله عليه وسلّم فأتت أبا بكر، فقالت: يا خليفة رسول الله أرجع إلى زوجي الأول، فإن زوجي الآخر قد مسّني وطلّقني، فقال أبو بكر: قد شهدت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين أتيته، وقال لك ما قال فلا ترجعي إليه، فلمّا قبض أبو بكر أتت عمر (رضي الله عنه) وقالت له مثل ما قالت لأبي بكر، فقال عمر: لئن رجعت إليه لأرجمنّك، فإن الله تعالى قد أنزل