للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة التوبة (٩) : الآيات ١ الى ٥]

بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١) فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ (٢) وَأَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٣) إِلاَّ الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٤) فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)

بَراءَةٌ رفع بخبر ابتداء مضمر أي: هذه الآيات براءة، وقيل: رفع بخبر معرّف الصفة على التقدير تقديره يعني إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ براءة بنقض العهد وفسخ العقد، وهي مصدر على فعالة كالشناءة والدناءة.

مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إلى الذين عاهدهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم، كان هو المتولي على العقود وأصحابه كلهم بذلك راضون، فكأنهم عقدوا وعاهدوا فَسِيحُوا رجع من الخبر إلى الخطاب أي قل لهم: سيحوا أي سيروا فِي الْأَرْضِ مقبلين ومدبرين، آمنين غير خائفين من أحد من المسلمين بحرب ولا سلب ولا قتل ولا أسر «١» .

أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ يقال: ساح في الأرض يسيح سياحة وسيوحا وسياحا وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ أي غير فائتين ولا سابقين وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ أي مذلّهم ومورثهم العار في الدنيا وفي الآخرة.

واختلف العلماء في كيفية هذا التأجيل وفي هؤلاء الذين برئ الله منهم ورسوله إليكم من العهود التي كانت بينهم وبين رسول الله من المشركين.

فقال محمد بن إسحاق وغيره من العلماء: هم صنفان من المشركين: أحدهما كانت مدة عهده أقل من أربعة أشهر فأمهل تمام أربعة أشهر، والآخر كانت مدة عهده بغير أجل محدود فقصر به على أربعة أشهر ليرتاد لنفسه ثم [....] «٢» بحرب بعد ذلك لله ولرسوله وللمؤمنين، يقتل حيث ما أدرك، ويؤسر إلى أن يتوب وابتداء هذا الأجل يوم الحج الأكبر، وانتهاؤه إلى عشر من ربيع الآخر.

وأما من لم يكن له عهد فإنّما أجله انسلاخ الأشهر الحرم وذلك خمسون يوما، وقال الزهري: هي شوال وذو القعدة وذو الحجة والمحرم لأن هذه الآية نزلت في شوال، وقال الكلبي: إنما كانت الأربعة الأشهر لمن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلّم عهد دون أربعة أشهر، فأتمّ له الأربعة الأشهر، ومن كان عهده أكثر من أربعة أشهر، فهذا الذي أمر أن يتم له عهده، وقال:


(١) تفسير الطبري: ١٠/ ٨٧.
(٢) كلمة مطموسة في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>