للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأنزل الله تعالى قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ عدل بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ

وكذلك كان يقولها ابن مسعود قال: دعا فلان إلى السّواء أي إلى النصف، وسواء كل شيء وسطه. قال الله فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ «١» ، وإنّما قيل للنصف سواء لأن أعدل الأمور وأفضلها أوسطها.

وسواء نعت للكلمة إلا أنّه مصدر والمصادر لا تثنّى ولا تجمع ولا تؤنث. فإذا فتحت السين مدّت، وإذا كسرت أو ضمّت قصرت. كقوله عزّ وجلّ: مَكاناً سُوىً «٢» : أي مستو به ثم فسّر الكلمة فقال: أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ: محل (أن) رفع على إضمار هي «٣» .

قال الزجاج: محلّه رفع [بمعنى أنه لا نعبد] «٤» ، وقيل: محله نصب بنزع حرف الصفة معناه: بأن لا نعبد إلا الله.

وقيل: محله خفض بدلا من الكلمة أي تعالوا أن لا نعبد إلّا الله.

وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ: كما فعلت اليهود والنصارى. قال الله: اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ. قال عكرمة: هو سجود بعضهم لبعض.

وقيل معناه: لا تطع في المعاصي أحدا، وفي الخبر من أطاع مخلوقا في معصية الله فكأنّما سجد سجدة لغيره.

فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا: أنتم لهم اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ: مخلصون بالتوحيد،

وكتب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هذه الآية إلى قيصر وملوك الروم، «من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم ...

سلام عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى.

«أمّا بعد.... فإنّي أدعوك إلى الإسلام أسلم تسلم. أسلم يؤتك الله أجرك مرتين. فإن توليت فلن تملكوا إلا أربع سنين، فإن توليت فعليك إثم الأريسيين، يا أهل الكتاب تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ الآية» [٥٩] «٥» .

[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٦٥ الى ٧٤]

يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلاَّ مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٦٥) ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٦٦) ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٦٧) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (٦٨) وَدَّتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَما يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (٦٩)

يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (٧٠) يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٧١) وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٧٢) وَلا تُؤْمِنُوا إِلاَّ لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٧٣) يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٧٤)


(١) سورة الصافات: ٥٥.
(٢) سورة طه: ٥٨.
(٣) التقدير: هي أن لا نعبد إلّا الله، وقيل موضع «أن» خفض على البدل من «كلمة» .
(٤) تفسير القرطبي: ٤/ ١٠٦.
(٥) مسند أحمد: ١/ ٢٦٣، صحيح البخاري: ١/ ٦، كنز العمال: ٤/ ٣٨٤ ح ١٠٠٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>