للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: دخول أن وحذفها لغتان صحيحتان فصيحتان، فأما دخول أنّ فكقوله: ما لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ «١» وأما حذفها فكقوله وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ «٢» .

وقال الكسائي: معناه: وما لنا في أن لا نقاتل، ما لنا وأن لا نقاتل فحذف الواو، حكاه محمد بن جرير وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا وقرأ عبيد بن حميد: قَدْ أَخْرَجَنا بفتح الهمزة والجيم يعني العدو.

ومعنى الكلام: وقد أخرج من كتب عليهم من ديارهم وأبنائهم، ظاهر الكلام العموم وباطنه الخصوص، لأنّ الذين قالوا لنبيهم ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كانوا في ديارهم وأوطانهم، وإنما من داره من أسر وقهر منهم.

ومعنى الآية: إنهم قالوا مجيبين: إنّا إنما كنّا نزهد في الجهاد إذ كنا ممنوعين في بلادنا لا يطؤنا عدونا ولا يظهر علينا، فأمّا إذا بلغ ذلك منا، فلا بد من الجهاد فنطيع ربنا في الغزو ونمنع نساءنا وأولادنا.

قال الله تعالى فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا أعرضوا عن الجهاد وضيّعوا أمر الله عزّ وجلّ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وفي الكلام حذف معناه: فبعث الله لهم ملكا وكتب عليهم القتال، فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وهم الذين عبروا النهر وسنذكرهم في موضعها.

وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ.

[سورة البقرة (٢) : الآيات ٢٤٧ الى ٢٤٨]

وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ قالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٢٤٧) وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٤٨)

وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً الآية، وكان السبب فيه على ما ذكره المفسّرون أن أشمويل عليه السّلام سأل الله عزّ وجلّ أن يبعث لهم ملكا فأتى بعصا وقرن فيه دهن القدس وقيل له إنّ صاحبكم الذي يكون ملكا طوله طول هذه العصا، وقيل له: انظر القرن الذي فيه الدهن فإذا دخل عليك رجل فنشّ الدهن الذي في القرن فهو ملك بني إسرائيل، فادهن به رأسه وملّكه عليهم، فقاسوا أنفسهم بالعصا فلم يكونوا مثلها.


(١) سورة الحجر: ٣٢.
(٢) سورة الحديد: ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>