يَعْرِفُونَهُ يعني محمّدا كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ من بين النصارى.
الكلبي عن الربيع عن ابن عبّاس قال: لمّا قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المدينة قال عمر لعبد الله ابن سلام: لقد أنزل الله على نبيّه الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ فكيف يا عبد الله هذه المعرفة؟
فقال عبد الله بن سلام: يا عمر لقد عرفته فيكم حين رأيته كما أعرف ابني إذا رأيته مع الصبيان يلعب، وأنا أشدّ معرفة بمحمّد منّي لابني، فقال عمر: وكيف ذاك؟
فقال: أشهد إنّه رسول حقّ من الله، وقد نعته الله في كتابنا وما أدري ما تصنع النساء، فقال له عمر: وفقك الله يا بن سلام فقد صدقت وأصبت.
وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ يعني صفة محمّد صلّى الله عليه وسلّم وأمر الكعبة.
وَهُمْ يَعْلَمُونَ ثمّ قال الْحَقُّ ١٤٧ أي هذا الحقّ خبر ابتداء مضمر.
وقيل: رفع بإضمار فعل أي جاءك الحقّ كما قال وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ «١»
وقرأ علي ابن أبي طالب كرّم الله وجهه الْحَقَّ مِنْ رَبِّكَ نصبا على الإغراء.
فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ الشاكّين مفتعل من المرية والخطاب في هذه الآية: وفي ما قبلها للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم والمراد به غيره وكلّ ما ورد عليك من هذا النحو فهو سبيله.
[سورة البقرة (٢) : الآيات ١٤٨ الى ١٥٢]
وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٤٨) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٤٩) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥٠) كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (١٥١) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ (١٥٢)
لِكُلٍّ وِجْهَةٌ
أي ولكلّ أهل ملّة قبلة.
َ مُوَلِّيها
مستقبلها ومقبل إليها يقال: ولّيته، وولّيت إليه. إذا أقبلت إليه وولّيت عنه إذا أدبرت عنه.
وأصل التولية: الانصراف، وقرأ ابن عبّاس وابن عامر وأبو رجاء وسليمان بن عبد الملك:
هو مولاها: أي مصروف إليها.
(١) سورة هود: ١٢٠.