للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة لقمان (٣١) : الآيات ١٢ الى ٢١]

وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (١٢) وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (١٣) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (١٤) وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٥) يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (١٦)

يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٧) وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ (١٨) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (١٩) أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ (٢٠) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ (٢١)

قوله: وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ يعني العقل والعلم والعمل به والإصابة في الأمور.

قال محمّد بن إسحاق بن يسار: وهو لقمان بن باعور بن باحور بن تارخ وهو آزر، وقال وهب: كان ابن أخت أيّوب. وقال مقاتل: ذكر أنّ لقمان كان ابن خالة أيّوب.

قال الواقدي: كان قاضيا في بني إسرائيل، واتّفق العلماء على أنّه كان حكيما ولم يكن نبيّا إلّا عكرمة فإنّه قال: كان لقمان نبيّا، تفرّد بهذا القول.

حدّثنا أبو منصور الجمشاذي قال: حدّثني أبو عبد الله محمد بن يوسف، عن الحسين بن محمد، عن عبد الله بن هاشم، عن وكيع عن إسرائيل، عن جابر، عن عكرمة قال: كان لقمان نبيّا. وقال بعضهم: خيّر لقمان بين النبوّة والحكمة، فاختار الحكمة.

وروى عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه يقول: «حقّا أقول لم يكن لقمان نبيّا ولكن عبد صمصامة كثير التفكير، حسن اليقين «١» ، أحبّ الله فأحبّه وضمن عليه بالحكمة» [١٨٢] «٢» .

[وروي أنّ لقمان في ابتداء أمره] «٣» كان نائما نصف النهار إذ جاءه نداء: يا لقمان هل لك أن يجعلك الله خليفة في الأرض تحكم بين الناس بالحقّ؟ فأجاب الصوت فقال: إن خيّرني ربّي قبلت العافية ولم أقبل البلاء، وإن عزم عليّ فسمعا وطاعة. فإنّي أعلم إن فعل ذلك بي عصمني وأعانني، فقالت الملائكة بصوت لا يراهم: لم يا لقمان؟ قال: لأنّ الحاكم بأشدّ المنازل وأكدرها يغشاه الظلم من كلّ مكان إن [وفي فبالحري] أن ينجو، وإن أخطأ أخطأ طريق الجنّة، ومن يكن في الدنيا ذليلا [وفي الآخرة شريفا] خير من أن يكون] في الدنيا] شريفا [وفي الآخرة ذليلا] .

ومن تخيّر الدنيا على الآخرة تفته «٤» الدنيا ولا يصيب الآخرة، فعجبت الملائكة من حسن منطقه فنام نومة فأعطي الحكمة. فانتبه يتكلّم بها «٥» .


(١) في المصدر: الظن.
(٢) كنز العمال: ١٤/ ٣٤.
(٣) زيادة عن المصدر.
(٤) في المصدر: تفتنه.
(٥) المهذب البارع لابن فهد: ٤/ ٤٥٤، وتاريخ دمشق: ١٧/ ٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>