للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ.

[سورة الروم (٣٠) : الآيات ٥٤ الى ٦٠]

اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (٥٤) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ (٥٥) وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٥٦) فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (٥٧) وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ مُبْطِلُونَ (٥٨)

كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (٥٩) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ (٦٠)

قوله تعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ نطفة ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً شبابا ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً هرما وَشَيْبَةً. قرأ يحيى وعاصم والأعمش وحمزة [بفتح] «١» الضاد من الضعف، غيرهم بالضمّ فيها كلّها، واختارها أبو عبيد لأنّها لغة النبي صلى الله عليه وسلّم.

أخبرنا عبد الله بن حامد الوزان، عن حامد بن محمد، عن علي بن عبد العزيز قال أبو نعيم، عن فضيل بن مرزوق، عن عطية العوفي قال: قرأت على ابن عمر اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً يعني بالضم، ثمّ قال: إنّي قرأتها على رسول الله صلى الله عليه وسلّم فأخذها عليّ كما أخذتها عليك

، وكان عاصم الجحدري يقرأ الله الّذي خلقكم من ضعف ثمّ جعل من بعد ضعف- بالضم- قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً- بالفتح- أراد أن يجمع بين اللغتين. قال الفرّاء: الضمّ لغة قريش والنصب لغة تميم يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ.

وقوله: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ يحلف المشركون ما لَبِثُوا في الدنيا غَيْرَ ساعَةٍ «٢» استقلّ القوم أجل الدنيا لمّا عاينوا الآخرة. وقال مقاتل والكلبي: يعني ما لَبِثُوا في قبورهم غَيْرَ ساعَةٍ، استقلّوا ذلك لما استقبلوا من هول يوم القيامة، نظيرها قوله عزّ وجلّ:

كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ ومِنْ نَهارٍ ... كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ يكذّبون في الدّنيا.

وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ أي فيما كتب الله لكم في سابق علمه. وقيل: في حكم الله، كقول الشاعر:


(١) في نسخة أصفهان: بضم.
(٢) سورة يونس: ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>